آيات من القرآن الكريم

لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ

وإنى لأظنه كاذبا في دعواه أنه رسول، وأن هناك إلها غيرى. ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط في الغباوة والطبع على القلوب زين لفرعون الجبار سوء عمله، وقبح صنعه، وصد عن سبيل الحق والعدل والإنصاف، أو هو صد غيره عن ذلك، وما كان كيده وعمله إلا في تباب وخسران.
وعظ الرجل المؤمن لقومه [سورة غافر (٤٠) : الآيات ٣٨ الى ٤٦]
وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢)
لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٤٤) فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (٤٦)

صفحة رقم 305

المفردات:
لا جَرَمَ: لا شك. أى ثبت وحق أن ما تدعون إليه.. الآية مَرَدَّنا:
مرجعنا وَحاقَ: أحاط بهم النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها: المراد يصلونها ويحرقون بها «١».
المعنى:
وقال الذي آمن من آل فرعون يعظ قومه: يا قوم اتبعونى فيما أدعوكم إليه أهدكم سبيل الرشاد، سبيل يصل بكم إلى الخير والسداد وفي هذا تعريض بأن سبيل فرعون وآله وما هم عليه سبيل الغي والفساد.
يا قوم: إنما هذه الحياة الدنيا متاع زائل وعرض حائل فلا تكن هي السبب في كفركم وغيكم، واعلموا أن الآخرة هي دار القرار والبقاء والخلود، فاعملوا لها واسعوا في نعيمها، ولا تغرنكم الدنيا الفانية فالآخرة خير وأبقى، يا قوم من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها عدلا من الله، ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة التي عرضها كعرض السموات والأرض، يرزقون فيها رزقا رغدا بغير حساب أضعافا مضاعفة، فضلا من الله ورحمة.

(١) في قوله تعالى: (النار يعرضون) استعارة تمثيلية حيث شبه حالهم بحال متاع يعرض للبيع ويبرز لمن يريد أخذه، وقد جعل النار كالطالب الراغب في الكفار لشدة استحقاقهم للهلاك.

صفحة رقم 306

ويا قوم: مالي أدعوكم إلى النجاة من عذاب النار وغضب الجبار، وأنتم تدعونني إلى النار وعذاب الجبار إذ تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم، أى:
ما ليس له حقيقة في الوجود حتى أعلم به فنفى العلم هنا كناية عن نفى المعلوم، وأما أنا فأدعوكم إلى العزيز الغفار الموصوف بكل كمال المنزه عن كل نقص.
لا شك أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، أى: ثبت وحق عدم دعوة الذين تدعونني إليه من الأصنام إلى عبادته أصلا من أن من حق المعبود بالحق أن يدعو عباده إلى عبادته، ويظهر ربوبيته لخلقه، وما تدعونهم أصناما وأحجارا لا نفع لها ولا ضرر لا تسمع ولا تبصر، فليس لها دعوة إلى عبادتها في الدنيا، في الآخرة يتبرءون من عبادتكم لهم واعلموا أن مردنا إلى الله، وأن المسرفين في ارتكاب الذنوب والآثام هم من أصحاب النار.
يا قوم ستذكرون ما أقوله لكم يوم لا تنفع الذكرى، وستندمون يوم لا ينفع الندم، وأما أنا فسأفوض أمرى إلى الله ليعصمني من كل سوء ومكروه إن الله بصير بالعباد، فوقاه الله سيئات ما مكروا، وكفاه شر المستهزئين به المعاندين له، وحاق بآل فرعون العذاب السيئ وأحاط بهم من كل جانب، وما هو العذاب السيئ؟ هو النار يصلونها ويحرقون بلهيبها، ويعرضون عليها صباحا ومساء.
ومن هنا كان القول بعذاب القبر. وصح ما روى عن بعضهم: إن أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود تغدو وتروح على النار فذلك عرضها، يشهد بذلك ما
روى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الكافر إذا مات عرضت روحه على الجنّة بالغداة والعشىّ» وخرج البخاري ومسلم حديثا كهذا.
روحه على النّار بالغداة والعشىّ» ثم تلا: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وإنّ المؤمن إذا مات عرضت روحه على الجنّة بالغداة والعشىّ»
وخرج البخاري ومسلم حديثا كهذا.
ويوم القيامة يقال للملائكة: أدخلوا آل فرعون أشد أنواع العذاب، وهذا دليل على أن عرض النار عليهم في الدنيا، وأن عذاب القبر حقيقة واقعة، والله أعلم.

صفحة رقم 307
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية