آيات من القرآن الكريم

وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا فِي الرجل يحضر الرجل عِنْد مَوته فيسمعه يُوصي وَصِيَّة يضر بورثته فَأمر الله الَّذِي يسمعهُ أَن يَتَّقِي الله ويوفقه ويسدده للصَّوَاب ولينظر لوَرثَته كَمَا يحب أَن يصنع بورثته إِذا خشِي عَلَيْهِم الضَّيْعَة

صفحة رقم 441

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الرجل يحضرهُ الْمَوْت فَيُقَال لَهُ: تصدق من مَالك وَأعْتق وَأعْطِ مِنْهُ فِي سَبِيل الله فنهوا أَن يأمروا بذلك
يَعْنِي أَن من حضر مِنْكُم مَرِيضا عِنْد الْمَوْت فَلَا يَأْمُرهُ أَن ينْفق مَاله فِي الْعتْق أَو فِي الصَّدَقَة أَو فِي سَبِيل الله وَلَكِن يَأْمُرهُ أَن يبين مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ من دين ويوصي من مَاله لِذَوي قرَابَته الَّذين لَا يَرِثُونَ يُوصي لَهُم بالخمس أَو الرّبع
يَقُول: لَيْسَ لأحدكم إِذا مَاتَ وَله ولد ضِعَاف - يَعْنِي صغَارًا - أَن يتركهم بِغَيْر مَال فيكونون عيالاً على النَّاس وَلَا يَنْبَغِي لكم أَن تأمروه بِمَا لَا ترْضونَ بِهِ لأنفسكم ولأولادكم وَلَكِن قُولُوا الْحق فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَعْنِي بذلك الرجل يَمُوت وَله أَوْلَاد صغَار ضِعَاف يخَاف عَلَيْهِم الْعيلَة والضيعة وَيخَاف بعده أَن لَا يحسن إِلَيْهِم من يليهم يَقُول: فَإِن ولي مثل ذُريَّته ضعافاً يتامى فليحسن إِلَيْهِم وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهم إسرافاً وبداراً أَن يكبروا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا حضر الرجل عِنْد الْوَصِيَّة فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: أوص بِمَالك فَإِن الله رَازِق ولدك وَلَكِن يُقَال لَهُ: قدم لنَفسك واترك لولدك
فَذَلِك القَوْل السديد فَإِن الَّذِي يَأْمر بِهَذَا يخَاف على نَفسه الْعيلَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وآدَم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا حضر يُقَال لَهُ: أوص لفُلَان أوص لفُلَان وَافْعل كَذَا وَافْعل كَذَا حَتَّى يضر ذَلِك بورثته
فَقَالَ الله ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً خَافُوا عَلَيْهِم﴾ قَالَ: لينظروا لوَرَثَة هَذَا كَمَا ينظر هَذَا لوَرَثَة نَفسه فليتقوا الله وليأمروه بِالْعَدْلِ وَالْحق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم﴾ يَعْنِي من بعد مَوْتهمْ ﴿ذُرِّيَّة ضعافاً﴾ يَعْنِي عجزة لَا حِيلَة لَهُم ﴿خَافُوا عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي على ولد الْمَيِّت الضَّيْعَة كَمَا يخَافُونَ على ولد أنفسهم ﴿فليتقوا الله وليقولوا﴾ للْمَيت إِذا جَلَسُوا إِلَيْهِ ﴿قولا سديداً﴾ يَعْنِي عدلا فِي وَصيته فَلَا يجور
وَأخرج ابْن جرير عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مسلمة بن عبد الْملك وَفينَا ابْن محيريز وَابْن الديلمي وهانىء بن كُلْثُوم فَجعلنَا نتذاكر مَا يكون

صفحة رقم 442

فِي آخر الزَّمَان فضقت ذرعاً بِمَا سَمِعت فَقلت لِابْنِ الديلمي: يَا أَبَا بشر يودّني أَنه لَا يُولد لي ولد أبدا
فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبي وَقَالَ: يَا ابْن أخي لَا تفعل فَإِنَّهُ لَيست من نسمَة كتب الله لَهَا أَن تخرج من صلب رجل وَهِي خَارِجَة إِن شَاءَ وَإِن أَبى
قَالَ: أَلا أدلك على أَمر إِن أَنْت أَدْرَكته نجاك الله مِنْهُ وَإِن تركت ولدك من بعْدك حفظهم الله فِيك قلت: بلَى
فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي الضعيفين: الْيَتِيم وَالْمَرْأَة أيتمه ثمَّ أوصى بِهِ وابتلاه وابتلى بِهِ
الْآيَة ١٠

صفحة رقم 443
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية