
﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ قَالَ مُحَمَّد: ﴿فئتين﴾ نصب على الْحَال الْمَعْنى: أَي شَيْء لكم فِي الِاخْتِلَاف فِي أَمرهم؟ ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ هُمْ قوم من الْمُنَافِقين كَانُوا بِالْمَدِينَةِ؛ فَخَرجُوا مِنْهَا إِلَى مَكَّة، ثُمَّ خَرجُوا من مَكَّة إِلَى الْيَمَامَة تجارًا فَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَام، وأظهروا مَا فِي قُلُوبهم من الشّرك، فَلَقِيَهُمْ الْمُسلمُونَ، فَكَانُوا فيهم (فئتين - أَي:)) فرْقَتَيْن - فَقَالَ بَعضهم: قد حلت دِمَاؤُهُمْ؛ هُمْ مشركون مرتدون،
صفحة رقم 393
وَقَالَ بَعضهم: لم تحل دِمَاؤُهُمْ؛ هُمْ قوم عرضت لَهُم فتْنَة. فَقَالَ الله ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ وَلَيْسَ يَعْنِي: أَنهم فِي تِلْكَ الْحَال الَّتِي أظهرُوا فِيهَا الشّرك مُنَافِقُونَ، وَلكنه نسبهم إِلَى (خبثهمْ} الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِمَّا فِي قُلُوبهم من النِّفَاق، يَقُولُ: قَالَ بَعْضكُم كَذَا، وَقَالَ بَعْضكُم كَذَا؛ [هلا] كُنْتُم فيهم فِئَة [وَاحِدَة] وَلم تختلفوا فِي قَتلهمْ؟ ثُمَّ قَالَ: ﴿وَالله أركسهم بِمَا كسبوا﴾ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ: ردهم إِلَى الشّرك بِمَا كَانَ فِي قُلُوبهم من الشَّك والنفاق. ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِد لَهُ سَبِيلا﴾
صفحة رقم 394