آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

شرح الكلمات:
﴿كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ﴾ : فرضنا عليهم وأوحينا.
﴿أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ : أي: قتل أنفسهم.
﴿مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ : أي: ما فعل القتل إلا قليل١ منهم.
﴿مَا يُوعَظُونَ بِهِ﴾ : أي: ما يؤمرون به وينهون عنه.
﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ : أي: للإيمان في قلوبهم.
﴿وَالصِّدِّيقِينَ﴾ : جمع صديق: وهو من غلب عليه الصدق في أقواله وأحواله لكثرة ما يصدق ويتحرى الصدق.
﴿وَالشُّهَدَاءِ﴾ : جمع شهيد: من مات في المعركة ومثله من شهد بصحة الإسلام بالحجة والبرهان.
﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ : جمع صالح: من أدى حقوق الله تعالى وأدى حقوق العباد، وصلحت نفسه وصلح عمله وغلب صلاحه على فساده.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن أولئك النفر الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به فقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: يقتل بعضكم بعضاً كما حصل ذلك لبني إسرائيل لما فعلوا كما أنا لو كتبنا عليهم أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين في سبيلنا ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ﴾ منهم. ثم قال تعالى داعياً لهم مرغباً لهم في الهداية: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ﴾ أي: ما يذكرون به ترغيباً وترهيباً من أوامر الله تعالى لهم بالطاعة والتسليم لكان ذلك خيراً في الحال والمآل، ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ للإيمان في قلوبهم وللطاعة على جوارحهم، لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والحسنة تنتج حسنة، والسيئة تتولد عنها سيئة. ويقول تعالى: ﴿وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً﴾ يريد لو أنهم استجابوا لنا وفعلوا ما أمرنا به من الطاعات، وتركوا ما نهيناهم عنه من المعاصي لأعطيناهم من لدنا أجراً يوم يلقوننا ولهديناهم في الدنيا ﴿صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ ألا وهو الإسلام الذي هو طريق الكمال والإسعاد في الحياتين وهدايتهم إليه هي توفيقهم للسير فيه

١ قرئ: ﴿إلا قليلا﴾ بالنصب، و ﴿إن لا قليل﴾ بالرفع، وقراءة الرفع مراعى فيها اللفظ وهو أولى، ولذا هي أكثر وأشهر.

صفحة رقم 504

وعدم الخروج عنه. هذا ما دلت عليه الآيات: (٦٦-٦٧-٦٨).
أما الآية (٦٩) وهي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ١ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾ فقد روى ابن جرير في تفسيره: أنها نزلت حين قال بعض٢ الصحابة يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِك﴾ الآية. وما أنعم الله تعالى عليه هو الإيمان بالله تعالى ومعرفته عز وجل ومعرفة محابه ومساخطه والتوفيق لفعل المحاب وترك المساخط هذا في الدنيا، وأما ما أنعم به عليهم في الآخرة فهو الجوار الكريم في دار النعيم. والصديقين هم الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بكل ما جاء به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبر به والشهداء: جمع شهيد، وهو من قتل في سبيل الله. والصالحون: جمع صالح، وهو من أدى حقوق الله تعالى وحقوق عباده كاملة غير منقوصة، وقوله تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً٣﴾ يريد وحسن أولئك رفقاء في الجنة يستمتعون برؤيتهم والحضور في مجالسهم، لأنهم ينزلون إليهم، ثم يعودون إلى منازلهم العالية ودرجاتهم الرفيعة، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ٤ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ﴾ يريد أن ذلك الالتقاء مع من ذكرتم لهم بفضل الله تعالى، لا بطاعتهم. وقوله: ﴿وَكَفَى بِاللهِ عَلِيماً﴾ أي: بأهل طاعته وأهل معصيته وبطاعة المطيعين ومعصية العاصين، ولذلك يتم الجزاء عادلاً رحيماً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- قد يكلف الله تعالى بالشاق للامتحان والابتلاء؛ كقتل النفس والهجرة من البلد ولكن لا يكلف بما لا يطاق.
٢- الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعصيات.

١ في هذه الآية إشارة أصرح من عبارة: على خلافة أبي بكر لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ ذكر الله تعالى الأنبياء ثم ثنى بالصديقين، وقد أجمع المسلمون على تسمية أبي بكر بالصديق، كما أجمعوا على تسمية محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنبي، فدل على تعيين خلافة أبي بكر، إذ لم يقدم عليه أحد في الذكر سوى الأنببياء.
٢ من بين القائلين: ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أُري الآذان في المنام.
٣ روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ما من نبي يمرض إلا خُيّر بين الدنيا والآخرة" ولما كان في مرضه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول: " ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم﴾ ". الآية فعلمت أنه خير وكان يقول: "اللهم الرفيق الأعلى"، وهو يعاني سكرات الموت، فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٤ في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الفَضْل مِنَ الله﴾، رد على المعتزلة، إذ قالوا: إنما ينال العبد ما يناله بعمله، والله قدر رد ذلك الإكرام والإنعام لفضله، وهو كذلك عقلاً وشرعاً، ويلزم اعتقاداً.

صفحة رقم 505
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية