آيات من القرآن الكريم

انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُبِينًا
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

ووعيد. والاشارة ان من رزق شيأ من علم الكتاب ظاهرا ولم يرزق أسراره وحقائقه وهم علماء السوء المداهنون فى دين الله حرصا على الدنيا وطمعا فى المال والجاه وحبا للرياسة والقبول يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وهى المداهنة واتباع الهوى فيبيعون الدين بالدنيا وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ يا معشر العلماء الأتقياء وورثة الأنبياء وطلاب الحق من بين الخلق عن سبيل الحق بما يحسدونكم وينكرون عليكم ويلومونكم ويؤذونكم بطريق النصح واظهار المحبة وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ فلا تقبلوا نصيحتهم فيما يقطعون عليكم طريق الحق ويردونكم عنه ويصدونكم عن الله بالتحريض على طلب غير الله ورعاية حق غير الله وأطيعوا امر الله تعالى فيما أمركم به.
واعلم انك لا ترى حالا أسوأ ولا أقبح ممن جمع بين هذين الامرين اعنى الضلال والإضلال واكثر ما يكونان فى العلماء يطمعون فيما فى أيدي الخلق فيداهنون فيضلون فسبب زوال المداهنة قطع الطمع- روى- عن بعض المشايخ انه كان له سنور وكان يأخذ من قصاب فى جواره كل يوم شيأ من الغدد لسنوره فرأى على القصاب منكرا فدخل واخرج السنور او لاثم جاء واحتسب على القصاب فقال له القصاب لا أعطيك بعد اليوم لسنورك شيأ فقال ما احتسب عليك الا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك فهو كما قال فمن طمع فى ان تكون قلوب الناس عليه طيبة لم يتيسر له الحسبة. فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الرديئة ويطهرها من الخصال الذميمة

چون طهارت نبود كعبه وبتخانه يكيست نبود خير در آن خانه كه عصمت نبود
مِنَ الَّذِينَ هادُوا خبر مبتدأ محذوف اى من الذين هادوا قوم يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ الكلم اسم جنس ولذا ذكر الضمير فى مواضع وجمع المواضع لتكرره فى التوراة فى مواضع بحسب الجنس اى يزيلون لانهم لما غيروه ووضعوا مكانه غيره فقد أزالوه عن مواضعه التي وضعه الله فيها وأمالوه عنها. والتحريف نوعان. أحدهما صرف الكلام الى غير المراد بضرب من التأويل الباطل كما يفعل اهل البدعة فى زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم. والثاني تبديل الكلمة بأخرى وكانوا يفعلون ذلك نحو تحريفهم فى نعت النبي ﷺ أسمر ربعة عن موضعه فى التوراة بوضعهم آدم طوال مكانه ونحو تحريفهم الرجم بوضعهم الحد بدله وَيَقُولُونَ فى كل امر مخالف لاهوائهم الفاسدة سواء كان بمحضر النبي عليه السلام أم لا بلسان المقال والحال سَمِعْنا قولك وَعَصَيْنا أمرك عنادا وتحقيقا للمخالفة وَاسْمَعْ اى قولنا غَيْرَ مُسْمَعٍ حال من المخاطب وهو كلام ذو وجهين. أحدهما المدح بان يحمل على معنى اسمع غير مسمع مكروها. والثاني الذم بان يحمل على معنى اسمع حال كونك غير مسمع كلاما أصلا بصمم او موت اى مدعوا عليك بلا سمعت لانه لو أجيبت دعوتهم عليه لم يسمع فكان أصم غير مسمع فكأنهم قالوا ذلك تمنيا لاجابة دعوتهم عليه كانوا يخاطبون به النبي عليه السلام مظهرين له ارادة المعنى الاول وهم مضمرون فى أنفسهم المعنى الأخير مطمئنون به وَراعِنا كلمة ذات جهتين ايضا. محتملة للخير بحملها على معنى ارقبنا وانتظرنا واصرف سمعك الى كلامنا نكلمك. وللشر بحملها على السب بالرعونة اى الحمق

صفحة رقم 215

او باجرائها مجرى شبهها من كلمة عبرانية او سريانية كانوا يتسابون بها وهى راعنا كانوا يخاطبون به النبي ﷺ ينوون الشتيمة والاهانة ويظهرون التوقير والاحترام. فان قلت كيف جاؤا بالقول المحتمل ذى الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا سمعنا وعصينا. قلت جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء حشمة منه عليه السلام وخوفا من بطش المؤمنين لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ انتصابه على العلية اى يقولون ذلك للفتل بها ولصرف الكلام عن نهجه الى نسبة السب حيث وضعوا غير مسمع موضع لا استمعت مكروها واجروا راعنا المشابهة لراعينا مجرى انظرنا او فتلابها وضما لما يظهرون من الدعاء والتوقير الى ما يضمرون من السب والتحقير وَطَعْناً فِي الدِّينِ اى قدحا فيه بالاستهزاء والسخرية وَلَوْ أَنَّهُمْ عند ما سمعوا شيأ من أوامر الله ونواهيه قالُوا بلسان المقال او بلسان الحال مكان قولهم سمعنا وعصينا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وبدل قولهم واسمع غير مسمع وَاسْمَعْ ولا يلحقون به غير مسمع وبدل قولهم راعنا وَانْظُرْنا ولم يدسوا تحت كلامهم شرا وفسادا اى لو ثبت انهم قالوا هذا مكان ما قالوا من الأقوال لَكانَ قولهم ذلك خَيْراً لَهُمْ مما قالوا وَأَقْوَمَ اى اعدل واسد فى نفسه وأصوب من القيم اى المستقيم قالوا لما لم يكن فى الذي اختاروه خير أصلا لم جعل هذا خيرا من ذلك وجوابه انه كذلك على زعمهم فخوطبوا على ذلك وهو كقوله آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ اى ولكن قالوا ذلك واستمروا على كفرهم فخذلهم الله وابعدهم عن الهدى بسبب كفرهم ذلك فَلا يُؤْمِنُونَ بعد ذلك إِلَّا قَلِيلًا استثناء من ضمير المفعول فى لعنهم اى ولكن لعنهم الله الا فريقا قليلا فانه تعالى لم يلعنهم فلم ينسد عليه باب الايمان وقد آمن بعد ذلك
فريق من الأحبار كعبد الله بن سلام وكعب واضرابهما وهو استثناء من ضمير لا يؤمنون اى لا يؤمنون الا ايمانا قليلا وهو ايمانهم بموسى وكفرهم بمحمد عليهما السلام. والاشارة ان العلماء السوء من هذه الامة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ بالفعال لا بالمقال كما كان اهل الكتاب يحرفونه بالمقال وَيَقُولُونَ سَمِعْنا بالمقال فيما امر الله به من ترك الدنيا وزينتها واتباع الهوى ومن إيثار الآخرة على الاولى والانقطاع عن الخلق فى طلب المولى وَعَصَيْنا بالفعال إذ لا يشمون روائح هذه المعاملات ولا يدورون حول هذه المقامات وينكرون على اهل هذه الكرامات ويستهزؤن بانواع المقالات فلا يؤمنون بالقلوب السليمة الا قليلا منهم بان يكفروا بهوى نفوسهم ويؤمنوا بالايمان الحقيقي الذي هو من نتائج الارادة والصدق فى طلب الحق والإخلاص فى العمل لله وترك الدنيا وزخارفها بل بذل الوجود فى طلب المعبود: قال العطار قدس سره

مشو مغرور اين نطق مزور بنادانى مكن خود را تو سرور
اگر علم همه عالم بخوانى چوبي عشقى ازو حروفى ندانى
قال رسول الله ﷺ (من تعلم علما لا يبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه الا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة) اى ريحها. قال الشيخ الشاذلى العلم النافع هو الذي يستعان به على طاعة الله ويلزمك المخافة من الله والوقوف على حدود الله وهو علم المعرفة

صفحة رقم 216

دون الأنانية فان الله لا يغفر بمراتب المغفرة ان يشرك به بمراتب الشرك ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اى لمن يشاء المغفرة فيستغفر الله تعالى من مراتب الشرك فيغفر له بمراتب المغفرة ومن يشرك بالله بمراتب الشرك فقد افترى اثما عظيما اى جعل بينه وبين الله حجابا من اثبات وجود الأشياء وانانيته وهى أعظم الحجب كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب

نيستى جولانكه اهل دلست شاهراه عاشقان كاملست
چون وجودت محو كردى از ميان نور وحدت چشم دل را شد عيان
شرك رهزن باشد اى دل در طريق ذكر توحيد خدا را كن رفيق
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ خطاب للنبى عليه السلام على وجه التعجيب اى ألم تنظر الى اليهود الذين يطهرون نفوسهم من الذنوب وألسنتهم ولم يزكوها حقيقة بقولهم نحن أبناء الله واحباؤه وبقولهم نحن كالاولاد الصغار فهل عليهم ذنب اى انظر إليهم وتعجب من حالهم وادعائهم انهم أزكياء عند الله مع ما هم عليه من الكفر والإثم العظيم واللفظ عام يشتمل كل من زكى نفسه ووصفها بزيادة التقوى والطاعة والزلفى عند الله ففيه تحذير من إعجاب المرء بعمله بَلِ اللَّهُ يعنى هم لا يزكونها فى الحقيقة لكذبهم وبطلان اعتقادهم بل الله يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ تزكيته ممن يستأهلها من المرتضين من عباده المؤمنين فانه العالم بما ينطوى عليه الإنسان من حسن وقبيح وقد وصفهم بما هم متصفون به من القبائح وَلا يُظْلَمُونَ اى يعاقبون بتلك الفعلة القبيحة ولا يظلمون فى ذلك العقاب فَتِيلًا اى ادنى ظلم وأصغره وهو الخيط الذي فى شق النواة يضرب به المثل فى القلة والحقارة والظلم فى حق المعاقب الزيادة على حقه وفى حق المثاب النقصان منه انْظُرْ كَيْفَ اى فى أي حال او على أي حال يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى زعمهم انهم أبناء الله وأزكياء عنده والتصريح بالكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا للمبالغة فى تقبيح حالهم وَكَفى بِهِ بافترائهم هذا من حيث هو افتراء عليه تعالى مع قطع النظر عن مقارنته لتزكية أنفسهم وسائر آثامهم العظام إِثْماً مُبِيناً ظاهرا بينا كونه اثما والمعنى كفى بذلك وحده فى كونهم أشد اثما من كل كفار اثيم ولو لم يكن لهم من الذنوب الا هذا الافتراء لكان اثما عظيما ونصب اثما مبينا على التمييز. قال الامام ابو منصور رحمه الله قول الرجل انا مؤمن ليس بتزكية النفس بل اخبار عن شىء أكرم به وانما التزكية ان يرى نفسه تقيا صالحا ويمدح به. قال السرى قدس سره من تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله تعالى. فيجب على العبد المؤمن ان يمتنع عن مدح نفسه ألا يرى الى قوله عليه السلام (انا سيد ولد آدم) كيف عقبه بقوله (ولا فخر) اى لست أقول هذا تفاخرا كما يقصده الناس بالثناء على أنفسهم لان افتخاره عليه السلام كان بالله وتقربه من الله لا بكونه مقدما على أولاد آدم كما ان المقبول عند الملك قبولا عظيما انما يكون بقبوله إياه وبه يفرح لا بتقديمه على بعض رعاياه

صفحة رقم 220
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
اگر مردى از مردئ خود مكوى نه هر شهسوارى بدر برد كوى