٩٩-
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه | فإنّ القرين بالمقارن مقتدي «١» |
وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩)
وَماذا عَلَيْهِمْ «ما» في موضع رفع بالابتداء و «وذا» خبر «ما» و «ذا» بمعنى:
الذي، ويجوز أن يكون «ما» و «ذا» اسما واحدا.
[سورة النساء (٤) : آية ٤٠]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠)
وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً اسم «تك» بمعنى تحدث، ويجوز أيضا أن تنصب حسنة على تقدير: وإن تك فعلته حسنة. يُضاعِفْها جواب الشرط. وَيُؤْتِ عطف عليه. مِنْ لَدُنْهُ في موضع خفض بمن إلّا أنها غير معربة لأنها لا تتمكّن و «عند» قد تمكّنت فنصبت وخفضت، وتمكّنها أنّك تقول: هذا القول عندي صواب ولا تقول: هذا القول لدي صواب. أَجْراً مفعول. عَظِيماً من نعته.
[سورة النساء (٤) : آية ٤١]
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١)
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا فتحت الفاء لالتقاء الساكنين. إِذا ظرف زمان والعامل فيه جِئْنا. وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً نصب على الحال.
[سورة النساء (٤) : آية ٤٢]
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (٤٢)
يَوْمَئِذٍ ظرف، وإن شئت كان مبنيا و «إذ» مبنية لا غير والتنوين فيها عوض مما حذف. وَعَصَوُا الرَّسُولَ ضمّت الواو لالتقاء الساكنين، ويجوز كسرها. لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ «٢» قال أبو جعفر: قد ذكرناه. وقيل: معناه لو لم يبعثوا، لأنهم لو لم يبعثوا لكانت الأرض مستوية عليهم لأنهم من التراب نقلوا. وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «٣». قال أبو جعفر: قد ذكرناه، وذكرنا قول قتادة أن القيامة مواطن ومعناه أنهم لما تبيّن لهم وحوسبوا لم يكتموا.
[سورة النساء (٤) : آية ٤٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٣)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى ابتداء وخبر في موضع نصب
(٢) انظر القراءات في البحر المحيط ٣/ ٢٦٣.
(٣) انظر البحر المحيط ٣/ ٢٦٤.
على الحال، ويقال: سكارى «١» ولم ينصرف لأن في آخره ألف التأنيث. حَتَّى تَعْلَمُوا نصب بحتى. وَلا جُنُباً عطف على الموضع أي ولا تقربوا الصلاة جنبا. إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ نصب على الحال. قال الأخفش: كما تقول: لا تأتني إلّا راكبا. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا معنى الآية إلّا أنها مشكلة من أحكام القرآن فنزيدها شرحا. قال الضحاك: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى أي من النوم. وهذا القول خطأ من جهات: منها أنه لا يعرف في اللغة، والحديث على غيره ولا يجوز أن يتعبد النائم في حال نومه فثبت أن سكارى من السكر الذي هو شرب، وقوله حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ بدل على أنّ من كان يعلم ما يقول فليس سكران. وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ فيه قولان:
أحدهما أنّ المعنى لا تصلّوا وقد أجنبتم، ويقال: أجنبتم وجنبتم وجنبتم إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ إلّا مسافرين فتتيّممون فتصلّون فيجب على هذا أن يكون الجنب ليس له أن يتيمّم إلّا أن يكون مسافرا. وهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود رحمه الله، والقول الآخر: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ لا تقربوا موضع الصلاة وهو المسجد إلّا عابري سبيل إلّا جائزين كما قال عبد الله بن عمر أيتخطأ الجنب المسجد؟
فقال: نعم ألست تقرأ: «إلّا عابري سبيل»، وهذا مذهب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس وأنس بن مالك رحمهم الله أنّ للجنب أن يتيمّم في الحضر. وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أي مرضى لا تقدرون معه على تناول الماء أو تخافون التلف من برد أو جراح.
أَوْ عَلى سَفَرٍ لا تجدون فيه الماء أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ قد ذكرنا أنّ بعض الفقهاء قال «٢» :«أو» بمعنى الواو وإنّما احتاج إلى هذا لأن المرض والسفر ليسا بحدثين والغائط حدث، والحذّاق من أهل العربية لا يجيزون أن يكون «أو» بمعنى الواو لاختلافهما فبعضهم يقول: في الكلام تقديم وتأخير والتقدير «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، وإن كنتم جنبا فاطهّروا» أي وإن كنتم جنبا وأردتم الصلاة. والتقديم والتأخير لا ينكر كما قال الله جلّ وعزّ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى [طه: ١٢٩] أي ولولا كلمة سبقت من ربّك وأجل مسمّى، وقال امرؤ القيس: [الطويل] ١٠٠-
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة | كفاني ولم أطلب قليل من المال «٣» |
(٢) انظر البحر المحيط ٣/ ٢٦٨.
(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ٣٩، والكتاب ١/ ١٣١، والإنصاف ١/ ٨٤، وتذكرة النحاة ٣٣٩، وخزانة الأدب ١/ ٣٢٧، والدرر ٢/ ١١٠، ٥/ ٣٢٢، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤٢، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٥، وهمع الهوامع ٢/ ١١٠.