آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

وهو خادعهم، أي: مجازيهم على خداعهم. وقال الزجاج: لما أمر بقبول ما أظهروا، كان خادعاً لهم بذلك. وقيل: خداعه إِياهم يكون في القيامة بإطفاء نورهم، وقد شرحنا طرفاً من هذا في (البقرة). قوله تعالى: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
أي: متثاقلين. وكُسالى
: جمع كسلان، و «الكسل» :
التثاقل عن الأمر. وقرأ أبو عمران الجونيّ: «كسالى» بفتح الكاف، وقرأ ابن السّميقع: «كسلى»، بفتح الكاف من غير ألف. وإنما كانوا هكذا، لأنهم يصلّون حذراً على دمائهم، لا يرجون بفعلها ثواباً، ولا يخافون بتركها عقابا. قوله تعالى: يُراؤُنَ النَّاسَ
أي: يصلُّون ليراهم الناس. قال قتادة: والله لولا الناس ما صلى المنافق. وفي تسمية ذكرهم بالقليل ثلاثة أقوال: أحدها: أنه سُمّي قليلاً، لأنه غير مقبول، قاله علي رضي الله عنه، وقتادة. والثاني: لأنه رياء، ولو كان لله لكان كثيراً، قاله ابن عباس، والحسن. والثالث: أنه قليل في نفسه، لأنهم يقتصرون على ما يظهر، دون ما يخفى من القراءة والتّسبيح، ذكره الماورديّ.
[سورة النساء (٤) : آية ١٤٣]
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣)
قوله تعالى: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ المذبذب: المتردّد بين أمرين، وأصل التذبذب: التحرّك، والاضطراب، وهذه صفة المنافق، لأنه محيّر في دينه لا يرجع إِلى اعتقاد صحيح. قال قتادة: ليسوا بالمشركين المصرّحين بالشرك، ولا بالمؤمنين المخلصين. قال ابن زيد: ومعنى بَيْنَ ذلِكَ: بين الاسلام والكفر، لم يظهروا الكفر فيكونوا إِلى الكفار، ولم يصدّقوا الإِيمان، فيكونوا إِلى المؤمنين.
قال ابن عباس: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا إِلى الهدى.
(٣٨٣) وقد روى ابن عمر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «مثل المنافق: مثل الشاة العائِرة «١» بين الغنمين تُعيرُ إِلى هذه مرةً، وإِلى هذه مرة، ولا تدري أيّها تتبّع».
[سورة النساء (٤) : آية ١٤٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤)
قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ في المراد بالكافرين قولان:
أحدهما: اليهود، قاله ابن عباس. والثاني: المنافقون، قال الزجاج: ومعنى الآية: لا تجعلوهم بطانتكم وخاصّتكم. والسلطان: الحجة الظاهرة، وإنما قيل للأمير: سلطان، لأنه حجة الله في أرضه، واشتقاق السلطان: من السليط. والسَّليط: ما يستضاء به، ومن هذا قيل للزيت: السَّليط. والعرب تؤنِّث السلطان وتذكِّره، تقول: قضت عليك السلطان، وأمرتك السلطان، والتذكير أكثر، وبه جاء القرآن، فمن أنَّث، ذهب إِلى معنى الحجة، ومن ذكَّر، أراد صاحب السلطان. قال ابن الأنباريّ: تقدير

صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٨٤ والنسائي ٨/ ١٢٤ وأحمد ٢/ ١٠٢ و ١٤٣ والرامهرمزي في «الأمثال» ص ٨٦ من طرق عن عبد الله بن عمر.
__________
(١) العائرة: المترددة الحائرة لا تدري أيهما تتبع.

صفحة رقم 489
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية