آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ

﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا (١٤١) ﴾
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ يَتَرَبَّصُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ دَوَائِرَ السُّوءِ، بِمَعْنَى يَنْتَظِرُونَ زَوَالَ دَوْلَتِهِمْ، وَظُهُورَ الْكُفْرِ (١) عَلَيْهِمْ، وَذَهَابَ مِلَّتِهِمْ ﴿. فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ﴾ أَيْ: نَصْرٌ وَتَأْيِيدٌ وظَفَر وَغَنِيمَةٌ ﴿قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾ ؟ أَيْ: يَتَوَدَّدُونَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ ﴿وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ﴾ أَيْ: إِدَالَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، كَمَا وَقَعَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَإِنَّ الرُّسُلَ تُبْتَلَى ثُمَّ يَكُونُ لَهَا (٢) الْعَاقِبَةُ ﴿قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ؟ أَيْ: سَاعَدْنَاكُمْ فِي الْبَاطِنِ، وَمَا أَلَوْنَاهُمْ خَبَالًا وَتَخْذِيلًا حَتَّى انْتَصَرْتُمْ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ﴾ نَغْلِبْ عَلَيْكُمْ، كَقَوْلِهِ: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: ١٩] وَهَذَا أَيْضًا تَوَدُّدٌ مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَانِعُونَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ؛ لِيَحْظَوْا عِنْدَهُمْ وَيَأْمَنُوا كَيْدَهُمْ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِضَعْفِ إِيمَانِهِمْ، وَقِلَّةِ إِيقَانِهِمْ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ (٣) يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أَيْ: بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْكُمْ -أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ-مِنِ الْبَوَاطِنِ الرَّدِيئَةِ، فَلَا تَغْتَرُّوا بِجَرَيَانِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْكُمْ ظَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، لِمَا لَهُ [تَعَالَى] (٤) فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، فَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تَنْفَعُكُمْ (٥) ظَوَاهِرُكُمْ، بَلْ هُوَ يَوْمٌ تُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ ويُحَصَّل مَا فِي الصُّدُورِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَرّ، عَنْ يُسَيْع الْكِنْدِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: كَيْفَ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ادْنُه ادْنُهْ، ثُمَّ قَالَ: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾
وَكَذَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ قَالَ: ذَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَكَذَا رَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ أي: حجة.

(١) في د، ر، أ: "الكفرة".
(٢) في ر: "تكون لها"، وفي أ: "تكون لهم".
(٣) في ر: "بينهم".
(٤) زيادة من: أ.
(٥) في ر: "ينفعكم".

صفحة رقم 436
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية