آيات من القرآن الكريم

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ

ويقال يا أيها الذين آمنوا باستعمال أدلة العقول آمنوا إذا أنختم بعقوة الوصول، واستمكنت منكم حيره البديهة «١» وغلبات الذهول «٢» ثم أفقتم عن تلك الغيبة فآمنوا أن الذي كان غالبا عليكم كان شاهد الحق لا حقيقة الذات «٣» فإن الصمدية منزهة متقدسة عن كل قرب وبعد، ووصل وفصل.
قوله جل ذكره:
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٧ الى ١٣٨]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨)
الذين تبدّلت بهم الأحوال فقاموا وسقطوا ثم انتعشوا ثم ختم بالسوء أحوالهم، أولئك الذين قصمتهم «٤» سطوة العزة حكما، وأدركتهم شقاوة القسمة خاتمة وحالا- فالحقّ سبحانه لا يهديهم لقصد، ولا يدلهم على رشد، فبشّرهم بالفرقة الأبدية، وأخبرهم بالعقوبة السرمدية.
قوله جل ذكره:
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٩ الى ١٤٠]
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (١٤٠)

(١) الحيرة بديهة ترد على قلوب العارفين عند تأملهم وحضورهم وتفكرهم تحجبهم عن التأمل والفكرة، وقال الواسطي: حيرة البديهة أجل من سكون التولي عن الحيرة (اللمع ص ٤٢١).
(٢) الغلبات عند قوة الرغبة والانفلات من دواعى الهوى والنفوس، عند قوة رغبة الطالب إذا لاح له أعلام المزيد فى حال طلبه المطلوب، فلو ظن أن مطلوبه وراء بحر سبحه أو فى تيه سلكه بالهجوم عند غلبات الإرادة وقوة سلطان المطالبة عليه (اللمع ص ٤١٧).
(٣) هذا تنبيه هام وخطير يدحض به المضللين والأدعياء، أولئك الذين شن عليهم القشيري هجومه العنيف فى مستهل «رسالته» والذين أساءوا إلى التصوف وأهله.
(٤) القصم: الكسر. حكى عن الزقاق أنه قال: لو أن المعاصي كانت شيئا اخترته لنفسى ما أجزتنى ذلك لأن ذلك يشيهنى، وإنما قصم ظهرى حين سبق لى منه ذلك. (اللمع ص ٤٣٤). [.....]

صفحة رقم 374

من اعتصم بمخلوق فقد التجأ إلى غير مجير، واستند إلى غير كهف، وسقط فى مهواة من الغلط بعيد قعرها، شديد مكرها. أيبتغون العزّ عند الذي أصابه ذل التكوين؟! متى يكون له عزّ على التحقيق؟ ومن لا عزّ له يلزمه فكيف يكون له عز يتعدّى إلى غيره؟
ويقال لا ندرى أي حالتهم أقبح: طلب العز وهم فى ذل القهر وأسر القبضة أم حسبان ذلك وتوهمه من غير الله؟
ويقال من طلب الشيء من غير وجهه فالإخفاق «١» غاية جهده، ومن رام الغنى «٢» فى مواطن الفاقة فالإملاق قصارى كدّه.
ويقال لو هدوا بوجدان العزّ لما صرفت قصودهم إلى من ليس بيده شىء من الأمر.
قوله: «فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً» العزّ على قسمين: عزّ قديم فهو لله وصفا، وعزّ حادث يختص به سبحانه من يشاء فهو له- تعالى- ملكا ومنه لطفا «٣».
قوله وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ.... الآية: لا تجاوروا أرباب الوحشة فإن ظلمات أنفسهم تتعدى إلى قلوبكم عند استنشاقكم ما يردّون من أنفاسهم، فمن كان بوصف ما متحققا شاركه حاضروه فيه فجليس من هو فى أنس مستأنس «٤»، وجليس من هو فى ظلمة مستوحش.
ويقال هجران أعداء الحقّ فرض، ومخالفة الأضداد ومفارقتهم دين، والركون إلى أصحاب الغفلة قرع باب الفرقة.

(١) وردت (الأحقاف) وهى خطأ فى النسخ إذ المقصود الخيبة والإخفاق.
(٢) أخطأ الناسخ فكتبها بالألف هكذا: (الغنا).
(٣) يتساءل القشيري فى كتابه «التحبير فى التذكير» تحت اسم «العزيز» : فإن قيل كيف الجمع بين قوله تعالى: «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» وقوله تعالى «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» ثم يجيب: لا تنافى بينهما فان العز الذي للرسول وللمؤمنين هو لله تعالى ملكا وخلقا، وعزه- سبحانه وتعالى- له وصفا، فاذا العز كله لله تعالى.
(٤) أخطأ الناسخ إذ كتبها (مستأنف) ولا معنى لها هنا والصواب (مستأنس) لتقابل (مستوحش)

صفحة رقم 375
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية