
الانسلاخ من الهداية والضلال الذي قلما يرجي عود صاحبه، وقد ذكرت كيفية الضلال عن - الطريق في مكارم الشريعة.
قوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (١٣٧)
قال قتادة: يعني أهل الكتابيين اليهود، آمنوا بموسى ثم كفروا بمن عداه، والنصارى آمنوا بعيسى وكفروا بمن عداه، ثم ازدادوا كلهم كفرا بمحمد، وقيل: آمنوا. بموسى ثم كفروا به لأنهم لم يؤمنوا
بعده بعده فهم في حكم من لم يؤمن، وقال مجاهد: هو في المنافقين المذكورين
في قوله: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)

وقيل: هي في الذين قال فيهم: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢)،
ولم يرد أنهم آمنوا مرتين وكفروا مرتين وإنما ذلك إشارة إلى أحوال كثيرة، كقولك: فلان فعل ثم امتنع إلى هذا كان دأبه،
وقيل: كما أن الإنسان يندرج إلى غاية الفضائل ثلاث درجات، وهو أن
يحصل في أولها، ثم في أوسطها، ثم في منتهاها، كذلك يتضلع في الرذائل ثلاث درجات، ولذلك جعل الله له ثلاث عقوبات الرَّين والغشاوة والطبع، ومن