آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﱿ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ

فى أموالهم وحقوقهم بِالْقِسْطِ اى العدل وهو ايضا عطف على يتامى النساء وما يتلى فى حقهم قوله تعالى وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ. وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ ونحو ذلك وَما شرطية تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ على الإطلاق سواء كان فى حقوق المذكورين او غيرهم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً فيجازيكم بحسبه. فعلى العاقل ان يطيع الله تعالى فيما امر ولا يأكل مال الغير بل يجتهد فى ان ينفق ما قدر عليه على اليتامى والمساكين قال حاتم الأصم من ادعى ثلاثا بغير ثلاث فهو كذاب. من ادعى حب الجنة من غير انفاق ماله فهو كذاب. ومن ادعى محبة الله من غير ورع عن محارم الله فهو كذاب. ومن ادعى محبة النبي عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب وفى قوله تعالى وَما تَفْعَلُوا حث على فعل الخير وترغيب- حكى- ان امرأة جاءت الى حانوت ابى حنيفة تريد شراء ثوب فاخرج ابو حنيفة ثوبا جديدا قيمته اربعمائة درهم فقالت المرأة انى امرأة ضعيفة ولى بنت أريد تسليمها الى زوجها فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك فقال ابو حنيفة خذيه باربعة دراهم فقالت المرأة لم تسخر بي فقال ابو حنيفة معاذ الله ان أكون من الساخرين ولكنى كنت اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال الذي نقدت فى الثوبين الا اربعة دراهم فبقى هذا على باربعة دراهم فاخذت المرأة الثوب باربعة دراهم ورجعت مستبشرة فرحة: قال السعدي قدس سره

بگير اى جوان دست درويش پير نه خود را بيفكن كه دستم بگير
كسى نيك بودى بهر دو سراى كه نيكى رساند بخلق خداى
واعلم ان النفس بمثابة المرأة لزوج الروح فكما أوجب الله على الرجال من الحقوق للنساء فكذلك أوجب على العبد الطالب الصادق من الحقوق للنفس كما قال عليه السلام لعبد الله ابن عمر حين جاهد نفسه بالليل بالقيام وبالنهار بالصيام (ان لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) والرياضة الشديدة تقطع عن السير قال عليه السلام (ان هذا الدين مبين فاوغلوا فيه برفق) يريد لا تحملوا على أنفسكم ولا تكلفوها ما لا تطيق فتعجز فتترك الدين والعمل
اسب تازى دوتك همى ماند شتر آهسته ميرود شب وروزى
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتوسط فى إعطاء نفسه حقها ويعدل فيها غاية العدل فيصوم ويفطر ويقوم وينام وينكح النساء ويأكل فى بعض الأحيان ما يجد كالحلوى والعسل والدجاج وتارة يجوع حتى يشد الحجر على بطنه من الجوع. فيا ايها الغافل تنبه لرحيلك ومسراك واحذر ان تسكن الى موافقة هواك انتقل الى الصلاح قبل ان تنقل وحاسب نفسك على ما تقول وتفعل فان الله سبحانه بكل شىء عليم وبكل شىء محيط فاياك من الافراط والتفريط وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها امرأة فاعل فعل يفسره الظاهر اى ان خافت امرأة خافت وتوقعت من زوجها نُشُوزاً تجافيا عنها وترفعا من صحبتها كراهة لها ومنعا لحقوقها من النشز وهو ما ارتفع من الأرض فنشوز كل واحد من الزوجين كراهته صاحبه وترفعه عليه لعدم رضاه به أَوْ إِعْراضاً بان يقل مجالستها ومحادثتها وذلك لبعض الأسباب من طعن فى سن او دمامة او شين فى خلق او خلق او ملال او طموح عين الى اخرى او غير ذلك. قال الامام المراد

صفحة رقم 295

بالنشوز اظهار الخشونة فى القول او الفعل او فيهما والمراد بالاعراض السكوت عن الخير والشر والمراعاة والإيذاء- روى- ان الآية نزلت فى خويلة ابنة محمد بن مسلمة وزوجها سعد بن الربيع تزوجها وهى شابة فلما علاها الكبر تزوج شابة وآثرها عليها وجفاها فاتت رسول الله ﷺ واشتكت اليه ذلك فَلا جُناحَ عَلَيْهِما حينئذ أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً اى فى ان يصلحا بينهما إصلاحا بان تحط له المهر او بعضه او القسم كما فعلت سودة رضى الله عنها وكانت كبيرة مسنة وذلك ان أم المؤمنين سودة ابنة زمعة التمست من رسول الله حين أراد عليه السلام ان يطلقها ان يمسكها وتجعل نوبتها لعائشة رضى الله عنها لما عرفت مكان عائشة من قلبه عليه السلام فاجازه النبي عليه السلام ولم يطلقها وكان عليه السلام بعد هذا الصلح يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. قال الحدادي مثل هذا الصلح لا يقع لازما لانها إذا أبت بعد ذلك الا المقاسمة على السواء كان لها ذلك وَالصُّلْحُ الواقع بين الزوجين خَيْرٌ اى من الفرقة او من سوء العشرة او من الخصومة. فاللام للعهد ويجوز ان لا يراد به التفضيل بل بيان انه خير من الخيور كما ان الخصومة شر من الشرور فاللام للجنس. قال السيوطي فى حسن المحاضرة فى احوال مصر والقاهرة ان شئت ان تصير من الابدال فحول خلقك الى بعض خلق الأطفال ففيهم خمس خصال وكانت فى الكبار لكانوا ابدالا لا يهتمون للرزق ولا يشكون من خالقهم إذا مرضوا ويأكلون الطعام مجتمعين وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع وإذا تخاصموا لم يتجاوزوا وتسارعوا الى الصلح ونعم ما قيل

ابلهست آنكه فعل اوست لجاج ابلهى را كجا علاج بود
تا توانى لجاج پيشه مگير كافت دوستى لجاج بود
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ اى جعلت حاضرة له مطبوعة عليه لا تنفك عنه ابدا فلا المرأة تسمح بحقوقها من الرجل ولا الرجل يجود بحسن المعاشرة مع دمامتها وكبرسنها وعدم حصول اللذة بمجالستها واصل الكلام احضر الله الأنفس الشح فلما بنى للمفعول أقيم مفعوله الاول مقام الفاعل والشح البخل مع حرص فهو أخص من البخل. وعن عبد الله بن وهب عن الليث قال بلغني ان إبليس لقى نوحا فقال له إبليس يا نوح اتق الحسد والشح فانى حسدت آدم فخرجت من الجنة وشح آدم على شجرة واحدة منعها حتى خرج من الجنة. ولقى يحيى بن زكريا عليهما السلام إبليس فى صورته فقال له أخبرني بأحب الناس إليك وابغض الناس إليك قال أحب الناس الىّ المؤمن البخيل وابغضهم الىّ الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخائه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك كذا فى آكام المرجان وَإِنْ تُحْسِنُوا ايها الأزواج بامساكهن بالمعروف وحسن المعاشرة مع عدم موافقتهن لطباعكم وَتَتَّقُوا ظلمهن بالنشوز والاعراض ولم تضطروهن الى بذل شىء من حقوقهن فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الإحسان والتقوى خَبِيراً عليما به وبالغرض فيه فيجازيكم ويثيبكم عليه البتة لاستحالة ان يضيع اجر المحسنين- روى- ان رجلا من بنى آدم كانت له امرأة من أجملهم فنظرت اليه يوما فقالت الحمد لله قال

صفحة رقم 296

حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وان كان عبدا شقيا قالت الملائكة رب فنيت حسناته وبقي الطالبون فيقول للملائكة خذوا من أعمالهم السيئة فاضيفوها الى سيآته وصكواله صكا الى النار فلا بد من التوبة والاستغفار والرجوع الى الملك الغفار والمجاملة فى المعاملة مع الأخيار والأشرار ودفع الأذى عن اهل الإنكار والإقرار- حكى- ان أبا منصور بن ذكير كان رجلا زاهدا صالحا فلما دنت وفاته اكثر البكاء فقيل له لم تبكى عند الموت قال اسلك طريقا لم اسلكه قط فلما توفى رآه ابنه فى المنام فى الليلة الرابعة فقال يا أبت ما فعل الله بك فقال يا بنى ان الأمر أصعب مما تعد اى تظن لقيت ملكا عادلا اعدل العادلين ورأيت خصماء مناقشين فقال لى ربى يا أبا منصور قد عمرتك سبعين سنة فما معك اليوم فقلت يا ربى حججت ثلاثين حجة فقال الله تعالى لم اقبل منك فقلت يا رب تصدقت بأربعين الف درهم بيدي فقال لم اقبل منك فقلت ستون سنة صمت نهارها وقمت ليلها فقال لم اقبل منك فقلت الهى غزوت أربعين غزوة فقال لم اقبل منك فقلت إذا قد هلكت فقال الله تعالى ليس من كرمى ان أعذب مثل هذا يا أبا منصور اما تذكر اليوم الفلاني نحيت الذرة عن الطريق كيلا يعثر بها مسلم فانى قد رحمتك بذلك فانى لا أضيع اجر المحسنين فظهر من هذه الحكاية ان دفع الأذى عن الطريق إذا كان سببا للرحمة والمغفرة فلأن يكون دفع الأذى عن الناس نافعا للدافع يوم الحشر خصوصا عدم الاذية للمؤمنين وخصوصا للاهل والعيال والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده اللهم اجعلنا من النافعين لا من الضارين آمين وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى من الموجودات كائنا ما كان من الخلائق أرزاقهم وغير ذلك. قال الشيخ نجم الدين قدس سره لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ من الدرجات العلى وجنات المأوى والفردوس الأعلى وَما فِي الْأَرْضِ من نعيم الدنيا وزينتها وزخارفها والله مستغن عنها وانما خلقها لعباده الصالحين كما قال تعالى وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وخلق العباد لنفسه كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى بالله قد امرناهم فى كتابهم وهم اليهود والنصارى ومن قبلهم من الأمم. واللام فى الكتاب للجنس يتناول الكتب السماوية ومن متعلقة بوصينا او بأوتوا وَإِيَّاكُمْ عطف على الذين اى وصيناكم يا امة محمد فى كتابكم أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ اى بان اتقوا الله فان مصدرية حذف منها حرف الجر اى امرناهم وإياكم بالتقوى وَقلنا لهم ولكم إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى فان الله مالك الملك كله لا يتضرر بكفركم ومعاصيكم كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم وانما وصاكم لرحمته لا لحاجته ثم قرر ذلك بقوله وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا اى عن الخلق وعبادتهم لا تعلق له بغيره تعالى لا فى ذاته ولا فى صفاته بل هو منزه عن العلاقة مع الأغيار حَمِيداً محمودا فى ذاته حمدوه او لم يحمدوه. قال الغزالي فى شرح الأسماء الحسنى والله تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال والحميد من العباد من حمدت عقائده وأخلاقه واعماله كلها من غير مثنوية وذلك هو محمد ﷺ ومن يقرب منه من الأنبياء ومن عداهم من

صفحة رقم 298
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية