
شرح الكلمات:
﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ : أي: خلقاً وملكاً وتصرفاً وتدبيراً.
﴿وَصَّيْنَا﴾ : عهدنا إليهم بذلك أي: التقوى.
﴿أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ : اليهود والنصارى.
الوكيل: من يفوض إليه الأمر كله ويقوم بتدبيره على أحسن الوجوه.
﴿ثَوَابُ الدُّنْيَا﴾ : جزاء العمل لها.
ثواب الآخرة: جزاء العمل لها، وهو الجنة.
﴿سَمِيعاً بَصِيراً﴾ : سمعياً: لأقوال العباد بصيراً: بأعمالهم وسيجزيهم بها خيراً أو شراً.
معنى الآيتين:
لما وعد تبارك وتعالى كلا من الزوجين المتفرقين بالإغناء عن صاحبه ذكر أنه يملك ما في السموات وما في الأرض، ولذا فهو قادر على إنائهما لسعة ملكه وعظيم فضله، ثم واجه بالخطاب الكريم الأمة جمعاً ومن بينها بني أبيرق فقال: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ يريد من اليهود والنصارى وغيرهم أوصاهم بتقواه عز وجل فلا يقدموا على مشاقته ولا يخرجوا عن طاعته بترك ما أوجب أو بفعل ما حرم، ثم أعلمهم أنهم وإن كفروا كما كفر طعمة وارتد فإن ذلك غير ضائره شيئاً، لأنه ذو الغنى والحمد، وكيف وله جميع ما في السموات وما في الأرض من كائنات ومخلوقات وهو ربها ومالكها والمتصرف فيها.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٣١)، أما الآية الثانية (١٣٢) فقد كرر تعالى فيها الإعلان عن استحقاقه الحمد والغنى، وذلك لملكه جميع ما في السموات وما في الأرض ولقيوميته عليهما، وكفى به تعالى حافظاً ووكيلاً. وفي الآية الثالثة (١٣٣) يخبر تعالى أنه قادر على إذهاب كافة الجنس البشري واستبداله بغيره وهو على كل ذلك قدير، فقال تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ١ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ﴾ وذلك لعظيم قدرته وكفاية وكالته. وفي الآية الرابعة والأخيرة في هذا السياق (١٣٤) يقول تعالى مرغباً عباده فيما عنده من خير الدنيا والآخرة من كان يريد

بعمله ثواب١ الدنيا ﴿فَعِنْدَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ فلم يقصر العبد عمله على ثواب الدنيا، وهو يعلم أن ثواب الآخرة عند الله أيضاً، فليطلب الثوابين معاً من الله تعالى، وذلك بالإيمان والتقوى والإحسان، وسيجزيه تعالى بعمله ولا ينقصه له وذلك لعلمه تعالى وقدرته، ﴿وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً٢﴾، ومن كان كذلك فلا يخاف معه ضياع الأعمال.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الوصية بالتقوى، وذلك بترك الشرك والمعاصي بعد الإيمان وعمل الصالحات.
٢- غنى الله تعالى عن سائر خلقه.
٣- قدرة الله تعالى على إذهاب الناس كلهم والإتيان بغيرهم.
٤- وجوب الإخلاص في العمل لله تعالى وحرمة طلب الآخرة بطلب الدنيا.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً (١٣٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا
٢ هذا التذييل يربي ملكة مراقبة الله تعالى، إذ من علم أن الله سميع لأقواله عليم بأعماله. راقبه واتقاه.