آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ

فهؤلاء الذين يقومون وراء الظالمين هم شركاء لهم فى هذا الجرم.. وهم مدعوّون معهم إلى ساحة المحاكمة والقصاص بين يدى أحكم الحاكمين! وفى هذا الموقف تخرس ألسنة هؤلاء الأولياء المدافعين عن الظلم والظالمين.. ويتعرّى أولئك الظالمون من كل قوة تدفع عنهم سوء ما عملوا.
الآيات: (١١٠- ١١٢) [سورة النساء (٤) : الآيات ١١٠ الى ١١٢]
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢)
التفسير: وإذ يحذّر الله الظالمين وأولياء الظالمين، ويتوعدهم بالعقاب الراصد لهم يوم القيامة، فإنه سبحانه وتعالى لا يسدّ منافذ الخلاص على هؤلاء وأولئك، بل يفتح لهم أبواب التوبة والإنابة، ويدعوهم إلى الرجوع إليه من قريب.. فإنهم إن فعلوا، وأخلوا أيديهم من الإثم، وأنابوا إلى ربهم، وجدوا القبول والرحمة، من رب غفور رحيم.
وعمل السوء قد يتعدّى الإنسان إلى غيره، ففيه ظلم للغير، وظلم له..
كالسرقة، والغش، وشهادة الزور.. ففى هذه الأمور السيئة ونحوها ظلم للغير، وظلم للنفس، بما جنى عليها صاحبها من هذه المنكرات، التي تبعد مرتكبها عن ربه، وتعرضه لسخطه، ونقمته، وعذابه.
وقد يكون عمل السوء مقصورا أثره على مرتكبه، كالذى يشرب الخمر،

صفحة رقم 892

أو يفطر فى رمضان لغير عذر.. فهذا العمل السيّء واقع عليه وحده، واثره لا يتعدّاه إلى غيره..
ولهذا جاء قوله تعالى: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ»
جامعا لأفعال السوء كلها، ما كان منها متعديا أثره إلى الغير، وما كان مقصورا على النفس وحدها.
وفى قوله تعالى: «ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً»
استحضار لجلال الله وعظمته، وتلويح بغفرانه ورحمته، حيث أنه سبحانه وتعالى يدعو المذنبين إليه، وينتظر استجابتهم له، وإقبالهم عليه، فمن استجاب لله، وسعى نحوه، فطريقه إلى الله مفتوح، لا تقوم دونه الحجب، ولا يرده عنه الحجّاب.. بل «يجد الله» فى انتظاره، مادّا يده له بالقبول والمغفرة.
وقوله تعالى: «وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً»
تحديد للمسئولية، حيث لا يؤخذ أحد بجرم غيره...
«وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى».. ولن يخشى البريء أن يلقى عليه جرم المجرم، فإن أمر القضاء إلى عليم حكيم، يعلم عمل كل عامل من خير أو شر، فيجزى بالخير خيرا، وبالشر شرا، كما يقضى بذلك عدله، وحكمته.
وقوله تعالى: «وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً»
تهديد ووعيد لأولئك الذين يكسبون الخطايا والآثام، ثم يلقون بها على الأبرياء، ويحمّلونهم تبعاتها، وذلك فى هذه الحياة الدنيا، حيث لا يرى الناس منهم ما يرى الله، فيجدون فى ذلك سبيلا إلى التخلص من جرائمهم.. وكلّا، فإن جرمهم قد سجله الله عليهم، وهو آخذهم به، ومجازيهم عليه، وهم إذا رموا بهذا الجرم غيرهم فقد اكتسبوا جرما آخر إلى جرمهم،

صفحة رقم 893
التفسير القرآني للقرآن
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم يونس الخطيب
الناشر
دار الفكر العربي - القاهرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية