
إلى القاعدين من المؤمنين لأسباب مقبولة فيها تطمين لهم بسبب ما يعرف من إخلاصهم. وفي هذا كذلك تلقين مستمر المدى في صدد من يعرف منه الإخلاص وحسن النية وصدق الطوية ولو لم يشترك اشتراكا فعليا في الحركات الجهادية لأسباب مقبولة.
ولقد روى البخاري ومسلم والترمذي عن أنس حديثا جاء فيه «إنّ النبي ﷺ كان في غزاة فقال إنّ أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلّا وهم معنا فيه حبسهم العذر» «١» حيث ينطوي في الحديث توضيح وتدعيم.
ومع ذلك فإنه يتبادر لنا أنه يصحّ أن يضاف إلى ما قلناه أن تكون الآيتان احتوتا أيضا بيانا في حالة المؤمنين المخلصين إزاء الجهاد إذا كان الظرف لا يقتضي أن ينفروا جميعهم فيندب بعضهم أو ينفر بعضهم دون بعض فغير المنتدبين أو غير النافرين في هذه الحالة ليسوا موضع تثريب وسخط ربانيين بل هم والمنتدبون أو النافرون معا موضع وعد الله الحسنى الذي وعد به كل مؤمن مخلص. غير أن المنتدبين والنافرين يظلون على كل حال أفضل عند الله وأعظم أجرا، وفي هذا ما فيه من حثّ قوي على النفرة إلى الجهاد والتسابق إليه.
هذا ونرى أن نلفت النظر إلى حديث ابن أم مكتوم من حيث انطواؤه على مشهد من مشاهد التنزيل القرآني من جهة وعلى دليل على تدوين القرآن فورا حين نزوله من جهة أخرى.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٩٧ الى ١٠٠]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠).

(١) توفّاهم: تتوفاهم.
(٢) يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة: قيل إن معناها يجد في الأرض التي يهاجر إليها مضطربا فسيحا ومتحولا عما يكره. وراغم قومه مراغمة قاطعهم ونابذهم. ويرد بالبال أن يكون للكلمة صلة بالإرغام وهو الإذلال والقهر وأن يكون معنى الجملة (يجد في الأرض وسائل كثيرة لمراغمة ظالمه وقهره أو جعل أنفه في الرغام وهو التراب)
تعليق على الآية إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ | إلخ والآيتين التاليتين لها وواجب المسلمين في مكافحة الظلم والظالمين والهجرة من بلادهم بسبيل ذلك |
(١) تنديدا بفريق من المسلمين آثروا الرضوخ في دار العدو وكانوا يعتذرون بأنهم كانوا مستضعفين. وكان اعتذارهم غير صادق. وإفحاما لهم وإنذارا بسوء المصير الأخروي لأنهم بذلك ظلموا أنفسهم.
(٢) واستثناء من هذا التنديد والإنذار لفريق آخر من رجال ونساء وولدان كانوا حقا مستضعفين مغلوبين على أمرهم ولم يكن لهم سبيل حقا. وتطمينا بأن الله قد يشملهم بعفوه وغفرانه.
(٣) وتنويها بفائدة الهجرة في سبيل الله وإيجابا لها وحثّا عليها: فالذين يهاجرون في سبيل الله يجدون أسبابا كثيرة لمراغمة عدوهم وقهره وإزعاجه.
وأبوابا واسعة للرزق. والذي يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله فيموت في هذا صفحة رقم 215

السبيل فيكون قد حقّ على الله أجره وهو الغفور الرحيم.
ومع واجب الإيمان بما حكته الآية الأولى مما سوف يكون من حوار بين الملائكة والمتخلفين عن الهجرة بدون عذر فإن قصد التثريب والإنذار من الحكمة الملموحة فيها.
والآيات فصل جديد. والتناسب مع ذلك ملموح بينها وبين السياق السابق.
فإما أن تكون نزلت بعد الآيات السابقة لها فوضعت في ترتيبها للتناسب الموضوعي والظرفي وإلّا فتكون وضعت فيه للتناسب الموضوعي.
وقد روى المفسرون «١» روايات عديدة في صدد الآيات. فرووا أن الآية الأولى نزلت في حق أشخاص كانوا أسلموا وبقوا في مكة وكانوا يكتمون إسلامهم وقد اشتركوا مع المشركين في وقعة بدر ومنهم من قتل ومنهم من أسر في هذه الوقعة. ورووا في سياق ذلك أن العباس عمّ النبي وعقيلا ابن عمه كانوا ممن خرجوا مع المشركين وأسروا، ولم يقبل الله عذرهم حين اعتذروا بأنهم مستضعفون ومغلوبون على أمرهم. وأن العباس قال لرسول الله لما طلب منه الفداء عنه وعن عقيل: كيف ذلك ونحن نصلي قبلتك ونشهد بشهادتك، فقال له:
إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا الآية. وهذا يعني أن الآية نزلت قبل وقعة بدر، وهو في اعتقادنا بعيد الاحتمال. وهناك رواية أخرى يرويها المفسرون في صدد الآية وهي أنها في حق الذين تخلفوا عن الهجرة إلى المدينة من مكة بدون عذر وبقوا وماتوا فيها. وفي فصل التفسير من صحيح البخاري حديث عن ابن عباس جاء فيه «إن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على رسول الله ﷺ يأتي السهم أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ الآية. ثم خفف الله تعالى عن الضعفاء، الذين مع المشركين فقال إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩)
وقال ابن عباس: كنت أنا وأمي من

المستضعفين، وفي رواية كنت أنا وأمي ممن عذر الله» «١».
وروى المفسرون «٢» كذلك أن الآية الثانية نزلت في حق جماعة كانوا فعلا مغلوبين على أمرهم ومنهم الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة. وأن جملة وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى آخر الآية الثالثة نزلت في مسلم طاعن في السن كان يقيم في مكة بادر إلى الهجرة حينما بلغته الآية الأولى رغم ممانعة أهله وسخرية قومه به فمات في الطريق. وقد اختلفت الروايات فيه فمنها من ذكر أنه جندب بن ضمرة أو رجل من بني الليث أو رجل من بني كنانة أو من خزاعة. وهناك رواية تذكر أن الجملة في صدد جماعة من المسلمين كانوا في مكة فكتب إليهم المهاجرون حينما نزلت الآية الأولى بأنهم لم يبق لهم عذر فخرجوا فلحق بهم المشركون فقتلوا من قدروا عليه ونجا من نجا. ورواية تذكر أنها نزلت في خالد بن حرام حين هاجر إلى الحبشة فنهشته حية فمات في الطريق.
وباستثناء حديث البخاري عن ابن عباس فإنه ليس شيء من الروايات الأخرى واردا في الصحاح. وبعض الروايات يقتضي أن تكون بعض الآيات أو جملة منها مكية لأن الهجرة إلى الحبشة إنما كانت أثناء العهد المكي. وبعضها يقتضي أن تكون الآيات نزلت متفرقة بل أن يكون بعض جمل من الآيات نزلت لحدتها في حين أنها وحدة تامة منسجمة، ويلحظ- بالإضافة إلى هذا ثم بالإضافة إلى ما لحظناه من بعد احتمال نزول الآيات قبل أو عقب وقعة بدر- أنه ليس فيها ما يساعد على التسليم بصحة ما جاء في الروايات من اشتراك المسلمين المتخلفين في وقعة بدر إلى جانب المشركين. وكل ما تفيده أنهم كانوا يعتذرون بكونهم مستضعفين فقط. ولقد أهدرت الآيات [٨٨- ٨٩] من هذه السورة دم المنافقين لأنهم لم يتضامنوا في الجهاد مع المسلمين واعتبرتهم كفارا على ما شرحناه قبل.
وما روته الروايات عن المسلمين المتخلفين أشد وأبشع من ذلك. ولو كان هذا صحيحا لما كان أي معنى للاحتجاج الذي حكته الآيات عن لسانهم.
(٢) انظر تفسير الآيات في الطبري والطبرسي والبغوي والخازن وابن كثير.

يضاف إلى هذا كله أن أسلوب الآيات التي هي كما قلنا وحدة تامة منسجمة مطلق وشامل. والذي يتبادر لنا أن بعض أصحاب رسول الله من المهاجرين ذكروا الذين تخلفوا من المسلمين في مكة أو تذاكروا في أمرهم ومصيرهم في مناسبة ما.
ولعلها كانت الآيات [٨٨- ٨٩] من السورة التي تهدر دم المنافقين لعدم هجرتهم في سبيل الله وتضامنهم مع المسلمين في الجهاد في هذا السبيل فاقتضت حكمة التنزيل وحي الآيات بالأسلوب الذي جاءت به. ونميل إلى القول بأن الروايات التي قد يكون بعض ما جاء فيها صحيحا من حيث الوقائع قد سيقت على هامش الآيات على سبيل التطبيق وفيها صور من السيرة النبوية في عهدها المدني. وقولنا ينطبق على حديث البخاري عن ابن عباس. وأسلوبه وفحواه يدلان بقوة على أن كلامه كان من قبيل التطبيق والاجتهاد. والله أعلم.
وعلى كل حال فالآية الأولى تدل على رضوخ أناس من المسلمين وعدم هجرتهم والالتحاق بالنبي والمسلمين مع قدرتهم على ذلك إما جبنا أو تكاسلا أو إيثارا للاستمتاع بما لهم من أموال وهنيء العيش. والآية الثانية تدل على أنه كان إلى جانب هؤلاء فريق من رجال ونساء وولدان مسلمين- وهذا يعني أسر إسلامية- مغلوبين على أمرهم فعلا ولا يستطيعون عمل شيء ما. وهناك آيات أخرى تؤيد ذلك منها آية سورة الأنفال [٧٢] التي جاء فيها هذه الجملة وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ. ومنها آية سورة الفتح هذه هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ... ومنها آية سورة الممتحنة هذه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ [١٠] وآية الفتح بخاصة صريحة بأن الذين أشير إليهم فيها هم في مكة.
والآيات تنطوي كما قلنا على ما كان من واقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى

تنديد بالمسلمين الذين آثروا الرضوخ والبقاء في كنف الأعداء وعدم الهجرة مع قدرتهم عليها. بل إيجاب وتأثيم لمن لا يناضل العدو أو يهاجر لأجل التوسل لمناضلته. ولقد روى أبو داود والترمذي عن جرير بن عبد الله عن النبي ﷺ قال «أنا بريء من كلّ مسلم مقيم بين أظهر المشركين» «١» وفي هذا تطور تشريعي بالنسبة لظروف السيرة النبوية لأن آية الأنفال التي أوردنا نصّها آنفا والتي أشارت إلى هذا الفريق لم تتضمن التأثيم والإنذار والإلزام والإيجاب بل تضمنت إيجاب نصرتهم على المسلمين إذا استنصروهم في الدين. وكل ما تضمنته تقرير كون المهاجرين لا يتحملون تبعتهم. ولقد ظل ما انطوى في الآية الأولى محكما إلى فتح مكة الذي تمّ في السنة الثامنة للهجرة حيث روى الخمسة حديثا عن ابن عباس عن النبي ﷺ جاء فيه «لا هجرة بعد الفتح وإنما جهاد ونية. وإذا استنفرتم فانفروا» «٢» فغدت الهجرة بعد ذلك اختيارية. وظاهر أن رفع واجب الهجرة عن المسلمين بعد الفتح متصل بظروف السيرة النبوية. لأن مكة أيضا بل معظم جزيرة العرب غدت دار إسلام خاضعة لسلطان النبي والمسلمين «٣».
ويلحظ أن آيات سورة النساء [٧٤ و ٧٥] التي مرّ تفسيرها احتوت أمرا المتبادر أنه للمؤمنين الذين هم خارج بلد الظالمين بالقتال في سبيل الله والمستضعفين من جهة أن هذه الآيات التي نحن في صددها هي في الذين هم في بلد الظالمين. وكلتا الصورتين مما كان واقعا في زمن النبي ﷺ قبل الفتح.
(٢) المصدر نفسه ص ٣٠٤.
(٣) ننبه على أن هناك أحاديث قد توهم التناقض مع هذا الحديث منها حديثان يرويهما أبو داود أحدهما عن معاوية عن النبي ﷺ جاء فيه «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» وثانيهما عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال «ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم. ويبقى في الأرض شرارها» ومنها حديث يرويه النسائي عن النبي جاء فيه «لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار» التاج ج ٤ ص ٣٠٨ ولا نرى تعارضا بين هذه الأحاديث وحديث الخمسة فهي بالنسبة لمستقبل يعقد وظروف قاهرة أخرى كما هو واضح من فحواها.

ومحتوى الآيتين الثانية والثالثة متسق مع المبادئ القرآنية من عدم تحميل المسلم ما لا طاقة له به وعذره وعدم مسؤوليته وإثمه فيما لا حيلة له فيه ولا حول له عليه. ومع ذلك فإن كلمة عَسَى في مقامها ذات دلالة هامة حيث يمكن أن تفيد أن عفو الله عن المقيم في أرض الكفر والظلم بعذر ليس أكيدا وأنّ على هذا المقيم أن يبذل جهده في الخروج منها وعدم الاحتماء وراء الأعذار الخفيفة.
وصيغة الآيات تشريعيّة مطلقة مثل صيغة الآيات [٧٤ و ٧٥] وهي مثلها مستمرة المدى والتلقين لكل ظرف مماثل بحيث توجب على المسلمين المستطيعين أن لا يقيموا في دار عدو وتحت ظلمه مستكينين إذا عجزوا عن مكافحته وإرغامه وأن يهجروها إلى دار إسلام وعدل ليتوسلوا بأسباب مكافحته وإرغامه مهما تحملوا في سبيل ذلك من مشاق وأخطار مطمئنين بوعد الله لهم بالنصر والمغفرة والأجر العظيم. وحديث أبي داود والترمذي عن جرير بصيغته المطلقة يحتوي تلقينا مستمر المدى. والأحاديث الثلاثة التي أوردناها في الذيل السابق تجعل احتمالات ذلك وواجباته مستمرة.
وهناك حالات قد تحدث مما يتصل بمدى الآيات وتلقيناتها:
(١) فقد يغزو عدو بلاد المسلمين ويسيطر عليها.
(٢) وقد يقوم ظالم طاغية يزعم الإسلام ويتصرف بما يخالفه مخالفة صريحة وشديدة فيكون ظلمه على الناس قويا ويكون حكم الإسلام وطابعه منتفيين.
(٣) وهناك بلاد غير مسلمة وليس بينها وبين المسلمين حالة حرب وعداء ويكون فيها مسلمون مقيمون دائما أو مؤقتا من أهلها أو طارئون. والمتبادر بالنسبة للحالة الأولى أن من واجب المسلمين أهل البلاد النضال والمقاومة بكل استطاعتهم ومهما تحملوا وعدم الهجرة منها إلّا في حالة العجز والخطر التامين ولأجل التوسل بأسباب النضال والمقاومة ضد الغزاة. وهذا كذلك يكون بالنسبة للحالة الثانية أيضا «١». أما الحالة الثالثة فلسنا نراها مما تشمله الآيات وتلقينها من