آيات من القرآن الكريم

۞ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

في الدنيا من الإيمان والكفر، فيجازيكم بها ثواباً وعقاباً. إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ: أي: بمضمرات القلوب، فكيف بالأعمال الظاهرة، وهو تعليل ل «ينبئكم».
الإشارة: قد تقدّم الكلام على الشكر في سورة سبأ «١» قال القشيري: قوله تعالى: وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ إن أطعتني شكرتُك، وإن ذكرتني ذكرتُك، وإن خطوت لأجلي خطوةً ملأتُ السموات والأرض من شكرك، وأنشدوا.

لو عَلِمْنا أن الزيارةَ حقٌ لَفَرَشْنَا الخدودَ أرضاً لِتَرْضَى
ثم بيّن حال من يشكر، فقال:
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٨]
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨)
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ أي: جنس الإنسان ضُرٌّ من مرض وغيره دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إليه راجعاً إليه مما كان يدعوه في حالة الرخاء لعِلمه بأنه بمعزل عن القدرة على كشف ضره، وهذا وصف للجنس ببعض أفراده، كقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ «٢» وقيل: المراد أبو جهل، أو: كل كافر.
ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ أي: أعطاه نعمة عظيمة من جنابه، من التخوُّل، وهو التعهُّد، يقال: فلان خائل مال، إذا كان متعهّداً إليه حسن القيام به. وفي الصحاح: خَوَّله اللهُ الشيء: ملَّكه إياه. وفي القاموس: وخوَّله اللهُ المالَ:
أعطاه إياه.
قال ابن عطية: خوَّله، أي: ملَّكه، وحكمه فيها ابتداء من الله، لا مجازاة، ولا يقال في الجزاء: خوّل. هـ. أو:
من الخوَل، وهو الافتخار، أي: جعله يخول، أي: يختال ويفتخر بنعمه. نَسِيَ مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ أي:
نسيَ الضر الذي كان يدعو الله تعالى كشفه من قبل التخويل، أو: نسي ربه الذي كان يدعو ويتضرّع إليه، على أن
(١) راجع إشارة الآية ١٣ من سورة سبأ
(٢) من الآية ٣٤ من سورة إبراهيم.

صفحة رقم 55
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الأنجري الفاسي الصوفي
تحقيق
أحمد عبد الله القرشي رسلان
الناشر
الدكتور حسن عباس زكي - القاهرة
سنة النشر
1419
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية