آيات من القرآن الكريم

وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ

وقوله: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُم بالحق﴾، أي: قضى / بين النبيين وأممهم بالحق؛ فلا يحمل أحد ذنب أحد، ولا يظلم أحد فينقص من عمله. ثم قال تعالى:
﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ﴾، أي: جزاء عملها من خير وشر.
﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ في الدنيا من طاعة له أو معصية. فيثيب المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ولا تظلم نفس شيئاً.
قوله تعالى ذكره: ﴿وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً﴾ - إلى آخر السورة.
أي: وحشر الذين كفروا بالله تعالى إلى ناره يوم القيامة.
﴿زُمَراً﴾، أي جماعة جماعة. حتى إذا جاءوا جهنم فتحت أبوابها لهم ليدخلوها.
﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ﴾، أي خزنة جهنم.
﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ﴾، أي: بشر مثلكم.
﴿يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ﴾، أي: كتب الله سبحانه.
﴿وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا﴾، أي: مصيركم إلى هذا اليوم (وما تلقون فيه.
﴿قَالُواْ بلى﴾، أي: بلى قد جاءتنا الرسل وأنذرتنا لقاءنا هذا اليوم).

صفحة رقم 6388

﴿ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين﴾، أي: كلمة الله أن عذابه لاحق بمن كفر به. بكتبه ورسله.
ثم قال تعالى ﴿قِيلَ ادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾، أي: قالت لهم الخزنة ادخلوا أبواب جهنم) السبعة على قدر منازلكم فيها ماكثين فيها لا تنقلون عنها إلى غيرها.
﴿فَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين﴾، أي: فبيس مسكن المتكبرين على الله سبحانه جهنم يوم القيامة.
ثم قال تعالى: ﴿وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً﴾، أي: حشروا إلى دخول الجنة جماعة جماعة.
﴿حتى إِذَا جَآءُوهَا﴾، أي: جاؤا الجنة.
﴿وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾. قال الكوفيون: " فتحت " جواب " إذا " والواو زائدة.
وقال بعضهم: الجواب: قال لهم خزنتها، والواو في " وقال " زائدة.
وقال المبرد: الجواب محذوف، والتقدير: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها

صفحة رقم 6389

سَعِدُوا.
وقال الزجاج: تقدير الجواب المحذوف: " طبتم فادخلوها خالدين، دخولها.
ودلت الواو في " وفتحت " أن الجنة كانت مفتحة لهم الأبواب منها قبل أن يجيؤها.
(ودل حذف الواو في قصة أهل النار من " فتحت " أنها مغلقة قبل أن يجيؤها) ففتحت عند مجيئهم.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾، (أي: قال للذين اتقوا ربهم خزنة الجنة سلام عليكم)، أي: أمنة من الله لكم.
وقوله ﴿طِبْتُمْ فادخلوها خَالِدِينَ﴾، أي: طابت أعمالكم في الدنيا فطاب اليوم مثواكم.

صفحة رقم 6390

وقال مجاهد: معناه: " كنتم طيبين (بطاعة) الله تعالى ". فادخلوا أبواب الجنة خالدين، أي: ماكثين أبداً لا انتقال لكم عنها.
ويروى أن حشر المتقين في الآخرة يكون على نجائب من نجائب الجنة.
وحشر الكفار يكون بالدفع والعنف. قاله ابن زيد وغيره.
وقرأ ابن زيد في الكفار: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣]. وقرأ في المتقين ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً﴾ [مريم: ٨٥]. ويروى عن علي رضي الله عنهـ أنه قال في المتقين: يساقون إلى الجنة فيجدون عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان تجريان، فيعمدون إلى إحداهما فيغتسلون فيها، فتجري عليهم نضرة النعيم، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً، ولن تغير جلودهم بعدها أبداً كأنما دهنوا بالدهان.
ويعمدون إلى الأخرى فيشربون منها فيذهب ما في بطونهم من قذى وأدى، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون فيفتح لهم فتتلقاهم خزنة الجنة فتقول: سلام عليكم، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون.
قال: وتتلقاهم الولدان المخلدون يطوفون بهم كما يطوف ولدان أهل الدنيا

صفحة رقم 6391

بالحميم إذا جاء من الغيبة، أبشر، أعد الله لك كذا وأعدلك كذا. فينطلق أحدهم إلى زوجته فيبشرها به، فيقول قدم فلان - باسمه الذي كان يسمى به في الدنيا - قال: فَيَسْتَحِفُّها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، فتقول: أنت رأيته، (أنت رأيته) قال: فيقول: نعم، فيجيء حتى يأتي منزله. قال: أصوله من جندل اللؤلؤ بين أصفر وأخضر وأحمر... قال الله جل ذكره: ﴿وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٤ - ١٦]. قال: ثم يدخل إلى زوجته من الحور العين، فلولا أن الله أعدّها له لا ليمتع بصره من نورها وحسنها. فاتكأ عبد الله ويقول: ﴿الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا﴾ [الأعراف: ٤٣]. فتنازيهم الملائكة أن تلكم الجنة وأورثتموها بعلمكم.
وقال السدي: لهو أهدى إلى منزلة في الجنة منه إلى منزله في الدنيا. ثم قرأ السدي: ﴿وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: ٦].
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾، أي: له الحمد خالصاً إذ صدقنا ما كان وعدنا في الدنيا على طاعته. ﴿وَأَوْرَثَنَا الأرض﴾، أي: أرض الجنة.

صفحة رقم 6392

وقيل: أورثوا الأرض التي لأهل النار لو كانوا مؤمنين.
وقوله: ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ﴾، أي: نسكن منها حيث نحب. فنعم أجر العملين، أي فنعم ثواب المطيعين العاملين له في الدنيا: الجنة في الآخرة.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش﴾، أي: وترى يا محمد يوم القيامة الملائكة محدقين من حول العرش.
والعرش: السرير. وواحد حافين: حاف، قاله الأخفش.
وقال الفراء: لا يفرد.
ودخلت " من " في قوله: ﴿مِنْ حَوْلِ العرش﴾ لأنه ظرف، والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف. ومثله قوله: ﴿وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ﴾ [الزمر: ٦٥، والشورى: ٣].
وقال بعض البصريين: دخلت " من " في الموضعين توكيداً.
ثم قال: ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾، أي: يصلون حول عرش ربهم شكراً لَهُ.

صفحة رقم 6393

والعرب تدخل الباء مع التسبيح وتحذفها. تقول: سبح بحمد ربك وسبح حمد ربك. كما قال: ﴿سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى﴾ [الأعلى: ١] وقال: ﴿فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم﴾ [الواقعة: ٧٤ و ٩٦].
﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق﴾، أي: وقضى الله بين النبيين والأمم والشهداء بالعدل.
﴿وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين﴾، أي: وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر الذي ابتدأ خلقهم ووفقهم للعمل بطاعته.
قال قتادة: فتح أول الخلق بالحمد لله فقال: ﴿الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض﴾ [الأنعام: ١] وختم بالحمد فقال: ﴿وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين﴾.

صفحة رقم 6394
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية