آيات من القرآن الكريم

وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

(٢) (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) أي أو تقول: لو أن الله أرشدنى إلى دينه وطاعته، لكنت ممن اتقى الله فترك الشرك والمعاصي:
(٣) (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) أي أو تقول حين رؤية العذاب: ليت لى رجعة إلى الدنيا فأكون من المهتدين المحسنين لعقيدتهم وأعمالهم.
وخلاصة ذلك- إن هذا المقصر تحسر على التفريط في الطاعة، وفقد الهداية ثم تمنى الرجعة إلى الدنيا لتدارك ما فات.
فأجابه سبحانه بقوله:
(بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) أي إنه لا فائدة من ذلك، فقد جاءتك آياتي في الدنيا على لسان رسولى الذي أرسلته إليك وفي كتابى الذي يتلوه عليك، ويذكّرك بما فيه من وعد ووعيد، وتبشير وإنذار فكذبت بها واستكبرت عن قبولها، وكنت ممن يعمل عمل الكافرين ويستنّ بسنتهم، ويتّبع مناهجهم.
ونحو الآية قوله: «وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ».
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦٠ الى ٦١]
وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١)
تفسير المفردات
وجوههم مسودة: أي ما يظهر عليها من آثار الذل والحشرة، والمثوى: المقام، والمفازة: الظفر بالبغية على أتمّ وجه.

صفحة رقم 25

المعنى الجملي
بعد أن أوعد المشركين فيما سلف بما سيكون لهم من الأهوال يوم القيامة، ووعد.
المتقين بما يمنحهم من الفوز والنعيم في ذلك اليوم- أردف ذلك ذكر حال لكل منهما تبدو للعيان، ويشاهدها كل إنسان، يوم العرض والحساب.
الإيضاح
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) أي وترى أيها الرسول يوم القيامة وجوه الذين كذبوا على الله، فزعموا أن له ولدا وأن له شريكا وعبدوا آلهة من دونه- مجلّلة بالسواد، لما أحاط بها من الكآبة والحزن الذي علاها، والغم الذي لحقها.
ثم علل هذا وأكده بقوله:
(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) أي أليست النار كافية لهم سجنا وموئلا، ولهم فيها الخزي والهوان بسبب تكبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق.
وقد بين الرسول صلّى الله عليه وسلم معنى الكبر فقال: «هو سفه الحق وغمص (احتقار) الناس»
وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلم «يحشر المتكبرون يوم القيامة كالذرّ، يلحقهم الصّغار حتى يؤتى بهم إلى سجن جهنم».
(وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ) أي وينجّى الله من عذاب جهنم الذين اتقوا الشرك والمعاصي وينيلهم ما يبتغون، ويعطيهم فوق ما كانوا يؤملون.
وعن النبي صلّى الله عليه وسلم تفسير هذه الآية من حديث أبى هريرة قال: «يحشر الله مع كل امرئ عمله، فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة وأطيب

صفحة رقم 26
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية