
قوله: ﴿أَن تَقُولَ﴾ : مفعولٌ مِنْ أجلِه، فقدَّره الزمخشري كراهةَ أنْ تقول، وابنُ عطية: أَنِيْبوا مِنْ أَجْلِ أَنْ تقولَ. وأبو البقاء والحوفي: أَنْذَرْناكم مخافةَ أَنْ تقولَ. ولا حاجةَ إلى إضمارِ هذا العاملِ مع وجودِ «أَنيبوا» وإنما نَكَّر نفساً لأنه أراد التكثيرَ، كقولِ الأعشى:
٣٨٩٨ - ورُبَّ بَقيعٍ لو هَتَفْتُ بجَوِّه | أتاني كريمٌ يَنْفُضُ الرأسَ مُغْضَبا |
قوله: «يا حَسْرتا» العامَّةُ على الألفِ بدلاً مِنْ ياءِ الإِضافةِ. وعن ابن كثير «يا حَسْرَتاهْ» بهاءِ السكت وَقْفاً، وأبو جعفر «يا حَسْرَتي» على صفحة رقم 434

الأصل. وعنه أيضاً «يا حَسْرتاي» بالألفِ والياء. وفيها وجهان، أحدُهما: الجمعُ بين العِوَضِ والمُعَوَّضِ منه. والثاني: أنه تثنيةُ «حَسْرَة» مضافةً لياءِ المتكلمِ. واعْتُرِضَ على هذا: بأنه كان ينبغي أَنْ يُقالَ: يا حَسْرتيَّ بإدغامِ ياءِ النَّصْبِ في ياءِ الإِضافةِ. وأُجيب: بأنه يجوزُ أَنْ يكونَ راعى لغة الحارِث ابن كعبٍ وغيرهم نحو: «رأيتُ الزيدان». وقيل: الألفُ بدلٌ من الياءِ والياءُ بعدها مزيدةٌ. وقيل: الألفُ مزيدةٌ بين المتضايفَيْنِ، وكلاهما ضعيفٌ.
قوله: ﴿على مَا فَرَّطَتُ﴾ «ما» مصدريةٌ أي: على تَفْرِيطي. وثَمَّ مضافٌ أي: في جَنْبِ طاعةِ الله. وقيل: ﴿فِي جَنبِ الله﴾ المرادُ به الأمرُ والجهةُ. يقال: هو في جَنْبِ فلانٍ وجانبِه، أي: جهته وناحيته. قال الراجز:
٣٨٩٩ - الناسُ جَنْبٌ والأميرُ جَنْبُ... وقال آخر:
٣٩٠٠ - أفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامةً | لَعَمْري لقد طالَتْ ملامَتُها بيا |
٣٩٠١ - أَمَا تَتَّقِيْنَ اللَّهَ في جَنْبِ عاشِقٍ | له كَبِدٌ حَرَّى عليكِ تَقَطَّعُ |