فى التسبب حيث جعلوا الكفر سببا فى الالتجاء الى الله بان أقاموه مقام الايمان مع ان الواجب ان يجعل الايمان سببا فيه ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا أعطيناه إياها تفضلا فان التخويل مختص بما كان بطريق التفضل لا يطلق على ما اعطى بطريق الجزاء قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ اى على علم منى بوجوه كسبه: يعنى [وجوه كسب وتحصيل آنرا دانستم وبكياست وكفايت من حاصل شد] او بانى ساعطاه لمالى من الفضل والاستحقاق او على علم من الله باستحقاقى: يعنى [خدا دانست كه من مستحق اين نعمتم] والهاء لما ان جعلت موصولة بمعنى ان الذي أوتيته وللنعمة ان جاءت كافة والتذكير لما ان المراد شىء من النعمة وقسم منها ثم قال تعالى ردا لما قاله بَلْ [نه چنين است ميكويد] هِيَ اى النعمة ويجوز ان يكون تأنيث الضمير باعتبار الخبر وهو قوله فِتْنَةٌ للانسان اى محنة وابتلاء له أيشكر أم يكفر تقول فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته وتختبره وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ اى اكثر الناس لا يَعْلَمُونَ ان التخويل استدراج وامتحان قَدْ قالَهَا اى تلك الكلمة او الجملة وهى قوله (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وهم قارون وقومه حيث قال انما أوتيته على علم عندى وهم راضون به يعنى لما رضى قومه بمقالته جمعوا معه وقال بعضهم يجوز ان يكون جميع من تقدمنا من الخيار والشرار فيجوز ان يوجد فى الأمم المتقدمة من يقول تلك الكلمة غير قارون ايضا ممن أبطرته النعمة واغتر بظاهرها فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من متاع الدنيا ويجمعون منه يعنى ان النعمة لم تدفع عنهم النقمة والعذاب ولم ينفعهم ذلك يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه كما فى المفردات فَأَصابَهُمْ [پس رسيد ايشانرا] سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا جزاء سيآت أعمالهم واجزية ما كسبوا وتسميتها سيآت لانها فى مقابلة سيآتهم وجزاء سيئة سيئة مثلها ففيه رمز الى ان جميع أعمالهم من قبيل السيئات والمعنى انهم ظنوا ان ما آتيناهم لكرامتهم علينا ولم يكن كذلك لانهم وقعوا فى العذاب ولم تنفعهم أموالهم وهذا كما قال اليهود (نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فقال تعالى خطابا لحبيبه عليه السلام (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) يعنى ان المكرم المقرب عند الله لا يعذبه الله وانما يعذب الخائن المهين المهان ثم أوعد كفار مكة فقال وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ المشركين المعاصرين لك يا محمد ومن للبيان او للتبعيض اى افرطوا فى الظلم والعتوّ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا من الكفر والمعاصي كما أصاب أولئك والسين للتأكيد وقد أصابهم اى أصابهم حيث قحطوا سبع سنين وقتل أكابرهم يوم بدر وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ الله تعالى عن تخلى ذاتهم بحسب أعمالهم واخلاقهم وقال الكاشفى [عاجز كنندكان ما را از تعذيب يا پيشى گيرندگان بر عذاب] يعنى يدركهم العذاب ولا ينجون منه بالهرب أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أقالوا ذلك ولم يعلموا او اغفلوا ولم يعلموا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ان يبسط له اى يوسعه فان بسط الشيء نشره وتوسيعه: يعنى [نه براى رفعت قدر او بلكه بمحض مشيت] وَيَقْدِرُ لمن يشاء ان يقدره له اى يقتر ويضيق له من غير ان يكون لاحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسط لهم سبعا وقال الكاشفى [وننك ميكند
صفحة رقم 122
بر هر كه ميخواهد نه براى خوارى وبى مقدارىء او بلكه از روى حكمت]- روى- انهم أكلوا فى سنى القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر بان يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع فلم ينفعهم ذلك حيث أصروا على الكفر والعناد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من القبض والبسط لَآياتٍ دالة على ان الحوادث كافة من الله تعالى بوسط عادى او غيره لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إذ هم المستدلون بتلك الآيات على مدلولاتها وفى الآيات فوائد منها ان من خصوصية نفس الإنسان ان تضطرّ الى الله تعالى بالدعاء والتضرع فى الشدة والضر والبلاء فلا عبرة بهذا الرجوع بالاضطرار الى الله تعالى لانه إذا أنعم الله عليه بالخلاص والعافية من تلك الشدة والبلاء اعرض عن الله ويكفر بالنعمة ويقول ان ما أوتيته على علم عندى وانما العبرة بالرجوع الى الله والتعرف اليه
فى الرخاء كما قال عليه السلام (تعرّف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة) ومنها ان المدعين يقولون نحن اهل الله فاذا وصل إليهم بلاؤه فزعوا اليه ليرفع عنهم البلاء طلبا لراحة أنفسهم ولا يرون المبلى فى البلاء وهم مشركون فى طريق المعرفة فاذا وصل إليهم نعمة ظاهرة احتجبوا بها فاذا هم اهل الحجاب من كلا الطرفين احتجبوا بالبلاء عن المبلى وبالنعمة عن المنعم قال الجنيد رضى الله عنه من يرى البلاء ضرا فليس بعارف فان العارف من يرى الضر على نفسه رحمة والضر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والرين والنعمة اقبال القلوب على الله تعالى ومن رأى النعمة على نفسه من حيث الاستحقاق فقد جحد النعمة ومنها ان اكثر اهل النعمة لا يعلمون فتنة النعمة وسوء عاقبتها وببطر النعمة والاغترار بها تقسو قلوبهم وتستولى عليهم الغفلة وتطمئن نفوسهم بها وتنسى الآخرة والمولى ومنها ان نعمة الدنيا والآخرة وسعادتهما وكذا نقمتهما وشقاوتهما مبنية على مشيئة الله تعالى لا على مشيئة العباد فالاوجب للمؤمنين ان يخرجوا عن مشيئتهم ويستسلموا لمشيئة الله وحكمه وقضائه
كليد قدر نيست در دست كس
تواناى مطلق خدايست وبس
قال بعضهم
هر چهـ بايد بهر كه ميشايد
تو دهى آنچنانكه مى بايد
تو شناسى صلاح كار همه
كه تويى آفريدگار همه
ومنها ان ضيق حال اللبيب وسعة حال الأبله دليل على الرزاق وتقديره ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس والفقر من العجز اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام أتدري لم رزقت الأحمق قال يا رب لا قال ليعلم العاقل ان طلب الرزق ليس بالاحتيال فالكل بيد الله ألا الى الله تصير الأمور وبه ظهر فساد قول ابن الراوندي
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة
وصير العالم النحرير زنديقا
اى كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم قائلا لو كان له الوجود لما كان الأمر كذلك ولقد احسن من قال
صفحة رقم 123