آيات من القرآن الكريم

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فلْينْفُضْه بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ" (١).
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ [رَحِمَهُمُ اللَّهُ] (٢) يَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْأَمْوَاتِ إِذَا مَاتُوا، وَأَرْوَاحَ الْأَحْيَاءِ إِذَا نَامُوا، فَتَتَعَارَفُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَتَعَارَفَ ﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾ الَّتِي قَدْ مَاتَتْ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى.
قَالَ السُّدِّيُّ: إِلَى بَقِيَّةِ أَجَلِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُمْسِكُ أَنْفُسَ الْأَمْوَاتِ، وَيُرْسِلُ أَنْفُسَ الْأَحْيَاءِ، وَلَا يَغْلَطُ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذَامًّا لِلْمُشْرِكِينَ فِي اتِّخَاذِهِمْ شُفَعَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَهُمُ الْأَصْنَامُ وَالْأَنْدَادُ، الَّتِي اتَّخَذُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ حَدَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ، بَلْ وَلَيْسَ لَهَا عَقْلٌ تَعْقِلُ بِهِ، وَلَا سَمْعٌ تَسْمَعُ بِهِ، وَلَا بَصَرٌ تُبْصِرُ بِهِ، بَلْ هِيَ جَمَادَاتٌ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِكَثِيرٍ (٣).
ثُمَّ قَالَ: قُلْ: أَيْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ مَا اتَّخَذُوهُ (٤) شُفَعَاءَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَاهُ وَأَذِنَ لَهُ، فَمَرْجِعُهَا كُلِّهَا إِلَيْهِ، ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ﴾ أَيْ: هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِهِ، وَيَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذَامًّا لِلْمُشْرِكِينَ أَيْضًا: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ﴾ أَيْ: إِذَا قِيلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴿اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿اشْمَأَزَّتْ﴾ انْقَبَضَتْ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَفَرَتْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَفَرَتْ وَاسْتَكْبَرَتْ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: اسْتَكْبَرَتْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الصَّافَّاتِ: ٣٥]، أَيْ: عَنِ الْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ لَهَا. فَقُلُوبُهُمْ (٥) لَا تَقْبَلُ الْخَيْرَ، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْخَيْرَ يَقْبَلِ الشَّرَّ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ أَيْ: مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي: يفرحون ويسرون.

(١) صحيح البخاري برقم (٦٣٢٠) وصحيح مسلم برقم (٢٧١٤).
(٢) زيادة من ت.
(٣) في س: "بكبير".
(٤) في ت: "ما اتخذوا".
(٥) في ت: "بقلوبهم".

صفحة رقم 102
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية