آيات من القرآن الكريم

أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ

والمشتاقين بالرؤية والعاشقين الصادقين بالقربة والوصلة لا يخلف الله الميعاد. يعنى إذا لم يقع لهم فترة فلا محالة يصدق وعده وإذا وقع لهم ذلك فلا يلومن الا أنفسهم وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف من فوقهم) المراد من أهلها اصحاب المنازل الرفيعة وتراءى القوم الهلال رأوه بأجمعهم ومنه الحديث (كما يتراءون الكوكب الدرّى الغابر فى الأفق من المشرق والمغرب) الغابر الباقي يعنى يرى التباعد بين اهل الغرف وسائر اصحاب الجنة كالتباعد المرئي بين الكوكب ومن فى الأرض وانهم يضيئون لاهل الجنة اضاءة الكوكب الدري (لتفاضل ما بينهم) يعنى يرى اهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من سواهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال (بلى والذي نفسى بيده رجال) يعنى يبلغها رجال وانما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما فى وصول المؤمنين لمنازل الأنبياء من استبعاد السامعين (آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) وفيه بشارة واشارة الى ان الداخلين مداخل الأنبياء من مؤمنى هذه الامة لانه قال وصدقوا المرسلين وتصديق جميع الرسل انما صدر منهم لا ممن قبلهم من الأمم وفى الحديث (من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) قوله ينعم بفتح الياء والعين اى يصيب نعمة وقوله ولا ييأس بفتح الهمزة اى لا يفتقر وفى بعض النسخ بضمها اى لا يرى شدة قوله لا تبلى بفتح حرف المضارعة واللام أَلَمْ تَرَ [آيا نمى بينى يا محمد] او يا ايها الناظر أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من تحت العرش ماءً هو المطر- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس) يعنى كل ماء فى الأرض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه الله بين البقاع فَسَلَكَهُ يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ اى عيونا ومجارى كالعروق فى الأجساد فقوله (يَنابِيعَ) نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قوله (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) وقوله (فِي الْأَرْضِ) بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الأرض ثم يخرجه شيأ فشيأ فالينابيع جمع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التي يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التي ينبع ويخرج منها الماء ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ [پس بيرون مى آرد بدان آب] زَرْعاً هو فى الأصل مصدر بمعنى الإنبات عبر به عن المزروع اى مزروعا مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفياته من الألوان والطعوم وغيرهما. وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الأبيض والأسود وما يركب منهما ويقال تلوّن إذا اكتسى لونا غير اللون الذي كان له ويعبر بالألوان عن الأجناس والأنواع يقال فلان اتى بألوان من الأحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى ثُمَّ يَهِيجُ اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر ثار وهاج النبت

صفحة رقم 93

يبس كما فى القاموس: وبالفارسية [پس خشك ميشود آن مزروع] فَتَراهُ مُصْفَرًّا من يبسه بعد خضرته ونضرته: وبالفارسية [پس مى بينى آنرا زرد شده بعد از تازگى وسبزى] قال الراغب الصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى الى البياض اقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد ثُمَّ يَجْعَلُهُ اى الله تعالى حُطاماً فتاتا متكسرا كأن لم يغن بالأمس: وبالفارسية [ريزه ريزه ودرهم شكسته] يقال تحطم العود إذا تفتت من اليبس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالاخراج إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور مفصلا لَذِكْرى لتذكيرا عظيما [والتذكير: ياد دادن] لِأُولِي الْأَلْبابِ لاصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك ان حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضي والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بفتنها

بود حال دنيا چوآن سبزه زار كه پس تازه بينى بفصل بهار
چوبروى وزد تند باد خزان يكى برگ سبزى نيابى از آن
قال فى كشف الاسرار الاشارة فى هذه الآية الى ان الإنسان يكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم يصير الى أرذل العمر ثم آخره يخترم ويقال ان الزرع ما لم يؤخذ منه الحب الذي هو المقصود منه لا يكون له قيمة كذلك الإنسان ما لم يخل من نفسه لا يكون له قدر ولا قيمة وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (أَلَمْ تَرَ) إلخ الى إنزال ماء الفيض الروحاني من سماء القلب (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) الحكمة (فِي الْأَرْضِ) البشرية (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) من الأعمال البدنية (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد (ثُمَّ يَهِيجُ) إلخ يشير الى اعمال المرائى تراها مخضرة على وفق الشرع ثم تجف من آفة العجب والرياء (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) لا نور له (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) من رياح القهر أذهبت عليه (حُطاماً) لا حاصل له الا الحسرة وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ) إلخ اشارة الى ان السالك إذا جرى على مقتضى عقله وعلمه يظهر منه آثار الاجتهاد ثم إذا ترقى الى مقام المعرفة تضمحل منه حالته الاولى ثم إذا بدت أنوار التوحيد استهلكت الجملة كما قالوا
فلما استبان الصبح أدرج ضوءه بانواره أنوار تلك الكواكب
فالتوحيد كالشمس ونورها فكما انه بنور الشمس تضمحل أنوار الكواكب فكذا بنور التوحيد تتلاشى أنوار العلوم والمعارف ويصير حالها الى الأفول والفناء ويظهر حال اخرى من عالم البقاء أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية او موصولة وخبرها محذوف دل عليه ما بعده. واصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهته تعالى وروح منه كما فى المفردات قال فى الإرشاد شرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فان الصدر بالفارسية [سينه] محل القلب الذي هو منبع للروح التي تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته

صفحة رقم 94

بنوره فهذا شرح قبل الإسلام لا بعده والمعنى أكل الناس سواء فمن بالفارسية [پس هر كسى ويا آنكس كه] (شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ) اى خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقى على الفطرة الاصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة القادمة فيها فَهُوَ بموجب ذلك مستقر عَلى نُورٍ عظيم مِنْ رَبِّهِ وهو اللطف الإلهي الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها الى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختياره واستولت عليه ظلمات الغى والضلالة فاعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها كقوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) يعنى ليس من هو على نور كمن هو على ظلمة فلا يستويان كما لا يستوى النور والظلمة والعلم والجهل واعلم انه لا نور ولا سعادة لمسلم الا بالعلم والمعرفة ولكل واحد من المؤمنين معرفة تختص به وانما تتفاوت درجاتهم بحسب تفاوت معارفهم والايمان والمعارف أنوار فمنهم من يضىء نوره جميع الجهات ومنهم من لا يضىء نوره الا موضع قدميه فايمان آحاد العوام نوره كنور الشمع وبعضهم نوره كنور السراج وايمان الصديقين نوره كنور القمر والنجوم على تفاوتها واما الأنبياء فنور ايمانهم كنور الشمس وأزيد فكما ينكشف فى نورها كل الآفاق مع اتساعها ولا ينكشف فى نور الشمع الا زاوية ضيقة من البيت كذلك يتفاوت انشراح الصدور بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب المؤمنين ولهذا جاء فى الحديث (انه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من فى قلبه مثقال من الايمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة) ففيه تنبيه على تفاوت درجات الايمان وبقدره تظهر الأنوار يوم القيامة فى المواقف خصوصا عند المرور على الصراط فَوَيْلٌ [پس شدت عذاب] لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ القسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك ومن اجلية وسببية كما فى قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) والمعنى من أجل ذكره الذي حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب اى إذا ذكر الله تعالى عندهم وآياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) وقرئ عن ذكر الله اى فويل للذين غلظت قلوبهم عن قبول ذكر الله وعن مالك بن دينار رحمه الله ما ضرب عبد بعقوبة أعظم
من قسوة قلبه وما غضب الله على قوم الا نزع منهم الرحمة وقال الله تعالى لموسى عليه السلام فى مناجاته يا موسى لا تطل فى الدنيا املك فيقسو قلبك والقلب القاسي منى بعيد وكن خلق الثياب جديد القلب تخف على اهل الأرض وتعرف فى اهل السماء وفى الحديث (تورث القسوة فى القلب ثلاث خصال حب الطعام وحب النوم وحب الراحة) وفى كشف الاسرار [بدانكه اين قسوة دل از بسيارى معصيت خيزد عائشه صديقه رضى الله عنها كويد أول بدعتى كه بعد از رسول خدا در ميان خلق پديد آمد سيرى بود.
ذون مصرى رحمه الله كويد هركز سير نخوردم كه نه معصيتى كردم. شبلى رحمه الله كفت هيچ وقت كرسنه نه نشستم كه در دل خود حكمتى وعبرتى تازه يافتم] وفى الحديث (أفضلكم عند الله أطولكم جوعا وتفكرا وأبغضكم الى الله كل أكول شروب نؤوم كلوا

صفحة رقم 95

واشربوا فى انصاف البطون فانه جزؤ من النبوة) : قال الشيخ سعدى

باندازه خور زاد اگر آدمي چنين پر شكم آدمي يا خمى
درون جاى قوتست وذكر نفس تو پندارى از بهر نانست وبس
ندارند تن پروران آگهى كه پر معده باشد ز حكمت تهى
أُولئِكَ البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلب: وبالفارسية [آن كروه غافلان وسنكدلان] فِي ضَلالٍ بعيد عن الحق مُبِينٍ ظاهر كونه ضلالا للناظر بأدنى نظر: يعنى [ضلالت ايشان بر هر كه اندك فهمى دارد ظاهر است] واعلم ان الآية عامة فيمن شرح صدره للاسلام بخلق الايمان فيه وقيل نزلت فى حمزة بن عبد المطلب وعلى بن ابى طالب رضى الله عنهما وابى لهب وولده. فحمزة وعلى ممن شرح الله صدره للاسلام. وابو لهب وولده من الذين قست قلوبهم فالرحمة للمشروح صدره والغضب للقاسى قلبه- روى- فى الخبر انه لما نزلت هذه الآية قالوا كيف ذلك يا رسول الله يعنى ما معنى شرح الصدر قال (إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح) فقيل ما علامة ذلك قال (الانابة الى دار الخلود) يعنى التوجه للآخرة (والتجافي عن دار الغرور) [يعنى پرهيز كردن از دنيا] (والتأهب للموت قبل نزوله) [وعزيزى درين معنا فرموده است].
نشان آن دلى كز فيض ايمانست نورانى توجه باشد أول سوى دار الملك روحانى
ز دنيا روى كردانيدن وفكر أجل كردن كه چون مرگ اندر آيد خوش توان مردن بآسانى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان نور ينوّر الله به مصباح قلوب عباده المؤمنين والإسلام ضوء نور الايمان تستضيء به مشكاة صدورهم ففى الحقيقة من شرح الله صدره بضوء نور الإسلام فهو على نور من نظر عناية ربه. ومن امارات ذلك النور محو آثار ظلمات الصفات الذميمة النفسانية من حب الدنيا وزينتها وشهواتها واثبات حب الآخرة والأعمال الصالحة والتحلية بالأخلاق الكريمة الحميدة قال تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ومن اماراته ان تلين قلوبهم لذكر الله فتزداد أشواقهم الى لقاء الله تعالى وجواره فيسأمون من محن الدنيا وحمل أثقال أوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية فيفرون الى الله ويتنورون بانوار صفاته منها نور اللوائح بنور العلم ثم نور اللوامع ببيان الفهم ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين ثم نور المكاشفة بتجلى الصفات ثم نور المشاهدة بظهور الذات ثم أنوار جلال الصمدية بحقائق التوحيد فعند ذلك لا وجد ولا وجود ولا قصد ولا مقصود ولا قرب ولا بعد ولا وصال ولا هجران ان كل شىء هالك الا وجهه كلا بل هو الله الواحد القهار
جامى مكن انديشه ز نزديكى ودورى لا قرب ولا بعد ولا وصل ولا بين
قال الواسطي نور الشرح منحة عظيمة لا يحتمله أحد الا المؤيدون بالعناية والرعاية فان العناية تصون الجوارح والأشباح والرعاية تصون الحقائق والأرواح وفى كشف الاسرار [بدان كه دل آدمي را چهار پرده است. پرده أول صدر است مستقر عهد اسلام كقوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ). پرده دوم قلب است محل نور ايمان كقوله تعالى (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ).

صفحة رقم 96
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية