
(تتمة الآية ٤٩): وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ
- ٥٠ - جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ
- ٥١ - مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ
- ٥٢ - وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ
- ٥٣ - هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ
- ٥٤ - إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ السُّعَدَاءِ أَنَّ لَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ﴿لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ وَهُوَ الْمُرْجِعُ وَالْمُنْقَلَبُ. ثُمَّ فسره بقوله تعالى: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ أَيْ جَنَّاتِ إِقَامَةٍ ﴿مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب﴾ والألف واللام ههنا بِمَعْنَى الْإِضَافَةِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ مُفَتَّحَةً لَهُمْ أَبْوَابُهَا، أي إذا جاءوها فتحت لهم أبوابها، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذِكْرِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أحاديث كثيرة

من وجوه عديدة، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا﴾ قيل: متربعين على سرير تَحْتَ الْحِجَالِ، ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ أَيْ مهما طلبوا وجدوا وأحضر كَمَا أَرَادُوا، ﴿وَشَرَابٍ﴾ أَيْ مِنْ أَيِّ أَنْوَاعِهِ شاءوا أتتهم به الخدام ﴿بِأَكْوَابٍ وأبارق وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾، ﴿وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف﴾ أي من غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يَلْتَفِتْنَ إِلَى غَيْرِ بُعُولَتِهِنَّ ﴿أَتْرَابٌ﴾ أَيْ مُتَسَاوِيَاتٌ فِي السِّنِّ وَالْعُمُرِ، ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ أَيْ هَذَا الَّذِي ذكرنا من صفة الجنة هي الَّتِي وَعَدَهَا لِعِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ، الَّتِي يَصِيرُونَ إِلَيْهَا بَعْدَ نُشُورِهِمْ وَقِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ مِنَ النار، ثم أخبر تبارك وتعالى عَنِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ لَا فَرَاغَ لَهَا وَلَا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء فقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ﴾، كقوله عزَّ وجلَّ: ﴿عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾، وكقوله تعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أَيْ غَيْرُ مَقْطُوعٍ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
صفحة رقم 207