آيات من القرآن الكريم

فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ
ﯢﯣﯤﯥﯦ

بنوا حائطًا من حجارة وطين طوله في السماء ثلاثون ذراعًا، وعرضه عشرون ذراعًا، وملوه نارًا وطرحوه فيها (١). وذلك قوله: ﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ وهي النار العظيمة.
قال أبو إسحاق: كل نار بعضها فوق (٢) جهنم. والألف واللام في الجحيم بدل عن الكناية، والمعنى: في جحمه، أي: في جحيم ذلك البنيان، وهو النار التي توقد فيه.
٩٨ - قوله تعالى: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ قال مقاتل: شرًّا أن يحرقوه بالنار (٣).
﴿فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ قال الكلبي: المدحوض حجتهم يعني أنه علاهم (٤) بالحجة، حيث رد الله كيدهم وجعل النار عليه بردًا وسلامًا، وهذا معنى قول المفسرين.
قال مقاتل: علاهم إبراهيم فسلمه الله وحجزهم عنه فلم يلبثوا إلا يسيرًا حتى أهلكهم الله (٥).
٩٩ - قوله تعالى: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ قال ابن عباس: مهاجر إلى ربي، والمعنى أهجر ديار الكفر وأذهب إلى حيث أمرني كما

(١) انظر: "القرطبي" ١٥/ ٩٧، "مجمع البيان" ٨/ ٤٠٨.
(٢) هكذا وردت العبارة في النسخ، وهو وهم من النساخ، ففي العبارة سننه، وهي في "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣١٠ هكذا: كل نار بعضها فوق بعض. وهي حَجمٌ.
(٣) "تفسير مقاتل" ١١٢ ب.
(٤) لم أقف عيه عن الكلبي. وانظر: "الطبري" ٢٣/ ٧٥، "القرطبي" ١٥/ ٩٧، "زاد المسير" ٧/ ٧٠.
(٥) "تفسير مقاتل" ١١٢ ب.

صفحة رقم 78

قال الله (١): ﴿وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ قال مقاتل: يعني إلى رضاء ربي بأرض المقدس (٢). وهو أول من هاجر من الخلق (٣). وقال الكلبي: ذاهب بعبادتي إلى ربي (٤). وهذا معنى قول قتادة: ذاهب بعمله وقلبه وهمته (٥)، وعلى هذا ذهابه إليه بالعمل، وعلى القول الأول بالهجرة، وهو الصحيح إن شاء الله، لأن المراد الإخبار عن هجرته أرض قومه وذهابه إلى حيث أُمِرَ من الشام.
قوله: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ قال ابن عباس: سيرشدني (٦).
وقال الكلبي: سينجيني منهم (٧).
وقال مقاتل: سيهدين لدينه (٨). وقول الكلبي أقرب إلى المعنى، لأن المراد سيهدين إلى حيث أمرني بالمصير إليه، وفي ذلك إنجاء له منهم. وقول مقاتل سيهدين لدينه فيه بعد، لأنه كان على الدين في ذلك الوقت، إلا أن يحمل على التثبيت على الدين والهداية. وقول ابن عباس يحتمل المعنيين: الإرشاد إلى الدين، والإرشاد إلى الطريق، والأولى أن يحمل على الإرشاد إلى طريق مُهَاجَرِهِ.

(١) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٧٠٤، وذكر القول ولم ينسبه لأحد الطبري ٢٣/ ٧٥، "الماوردي" ٥/ ٥٩.
(٢) "تفسير مقاتل" ١١٢ ب.
(٣) وبهذا قال مقاتل. انظر: "تفسيره" ١١٢ ب، "القرطبي" ١٥/ ٩٧.
(٤) انظر: "الطبري" ٢٣/ ٧٦، "مجمع البيان" ٨/ ٧٠٤.
(٥) انظر: "الطبري" ٢٣/ ٧٦، "زاد المسير" ٧/ ٧١.
(٦) "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٧٧.
(٧) لم أقف عليه عن الكلبي. وانظر: "الماوردي" ٥/ ٥٩، "زاد المسير" ٧/ ٧١.
(٨) "تفسير مقاتل" ١١٢ ب.

صفحة رقم 79
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية