آيات من القرآن الكريم

فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ
ﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷ

(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) أخرج ابن أبى حاتم عن قتادة أن العرب تقول للشخص إذا تفكر وأطال الفكرة: نظر في النجوم أي فأطال الفكر فيما هو فيه.
(فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) أي إنى أحس بخروج مزاجى عن حال الاعتدال، ولا أرى فى نفسى خفة ونشاطا، وكان مقصده من قولته هذه ألا يخرج معهم في يوم عيدهم، لينفّذ ما عزم عليه من كسر أصنامهم وإعلان الحرب عليهم، فى عبادتهم للأوثان والأصنام، ولم يكن لهم علم بما بيّت عليه النية، ولا دليل على أنه لم يكن صادقا فيما يقول إذ من يعزم على تنفيذ أمر ذى بال يخاف منه الخطر على نفسه أن يكون مهموما مغموما مفكّرا في عاقبة ما يعمل.
(فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) أي فأعرضوا عنه وذهبوا إلى معبدهم وتركوه في مكانه.
(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ؟) أي فذهب مستخفيا إلى أصنامهم التي يعبدونها وقال لها استهزاء: ألا تأكلون من الطعام الذي يقدّم إليكم؟ وكانوا يضعون فى أيام أعيادهم طعاما لدى هذه الأصنام لتبارك فيه.
(ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ؟) أي أىّ شىء منعكم الإجابة عن سؤلى، ومراده بذلك التهكم بهم، واحتقار شأنهم.
(فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) أي فاتجه إليهم يضربهم بقوة وشدة حتى تركهم جذاذا إلا كبيرهم كما تقدم في سورة الأنبياء.
(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) أي فأقبل قومه إليه بعد رجوعهم من عيدهم مسرعين يسألون عمن كسرها، وقد قيل لهم: إنه إبراهيم، فقالوا له: نحن نعبدها وأنت تكسرها ولما أخذوا يعتبون عليه طفق يؤنبهم ويعيبهم.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٩٥ الى ١٠١]
قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩)
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١)

صفحة رقم 70

الإيضاح
(قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ؟) أي أتعبدون من دون الله أصناما أنتم تنحتونها بأيديكم؟ فما تحدثون فيه الصنعة بأيديكم تجعلونه معبودا لكم، أفلا عاقل منكم ينهاكم عن مثل هذا؟
(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) أي والله خلقكم وخلق تلك الأصنام التي تعملونها بأيديكم، والخالق هو المستحق للعبادة دون المخلوق، لا جرم أن عبادتكم لها خطأ عظيم، وإثم كبير.
ولما أورد عليهم إبراهيم هذه الحجة القوية التي لم يستطيعوا دفعها- عدلوا عن الحجاج إلى الإيذاء واستعمال القوة.
(قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) تقدم هذا بمزيد إيضاح في سورة الأنبياء (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) أي فأرادوا إحراقه في النار فأنجيناه منها، وجعلناها بردا وسلاما عليه، وجعلنا كيدهم في نحورهم، وكتبنا له الغلبة والنصر عليهم.
وبعد أن يئس من إيمانهم أراد مفارقتهم والهجرة من بينهم كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله:
(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) أي وقال إنى مفارق لتلك الديار، ومهاجر إلى مكان أتفرغ فيه لعبادة ربى، وإنه سيهدينى إلى ما فيه صلاح دينى، وهذا المكان هو الأرض المقدسة.
وفي الآية إيماء إلى أن الإنسان إذا لم يتمكن من إقامة دينه على الوجه المرضى فى أرض وجبت عليه الهجرة منها إلى أرض أخرى.

صفحة رقم 71
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية