آيات من القرآن الكريم

وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ۖ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ
ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆ

صاحب الخمر. والثاني: أن أزواجَهم: المشركاتُ، قاله الحسن. والثالث: أشياعهم، قاله قتادة.
والرابع: قُرَناؤهم من الشيَّاطين الذين أضلُّوهم، قاله مقاتل. وفي قوله تعالى: وَما كانُوا يَعْبُدُونَ ثلاثة أقوال: أحدها: الأصنام، قاله عكرمة، وقتادة. والثاني: إبليس وحده، قاله مقاتل. والثالث:
الشياطين، ذكره الماوردي وغيره.
قوله تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ أي: دُلُّوهم على طريقها والمعنى: اذهبوا بهم إِليها.
قال الزجاج: يقال: هَدَيْتُ الرَّجُل: إِذا دَلَلْتَه، وهَدَيْتُ العروس إِلى زوجها، وأهديتُ الهديَّة، فإذا جعلتَ العروس كالهدية، قلتَ: أهديتُها.
قوله تعالى: وَقِفُوهُمْ أي: احبسوهم إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ وقرأ ابن السميفع: «أنَّهم» بفتح الهمزة.
قال المفسرون: لمَّا سِيقوا إلى النار حُبِسوا عند الصراط، لأن السؤال هناك. وفي هذا السؤال ستة أقوال: أحدها: أنهم سئلوا عن أعمالهم وأقوالهم في الدنيا. والثاني: عن «لا إِله إِلا الله»، رويا جميعاً عن ابن عباس. والثالث: عن خطاياهم، قاله الضحاك. والرابع: سَألَهُمْ خزَنةُ جهنم أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ «١» ونحو هذا، قاله مقاتل. والخامس: أنهم يُسألون عمّا كانوا يعملون، ذكره ابن جرير. والسادس: أن سؤالهم قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ، ذكره الماوردي. قال المفسّرون: المعنى: ما لكم لا ينصُر بعضُكم بعضاً كما كنتم في الدنيا؟! وهذا جواب أبي جهل حين قال يوم بدر: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ «٢»، فقيل لهم ذلك يومئذ توبيخاً. والمُسْتَسْلِم: المُنقاد الذَّليل والمعنى أنهم منقادون لا حيلة لهم.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٧ الى ٤٩]
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١)
فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)
بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١)
فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦)
لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)
قوله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ فيهم قولان: أحدهما: الإِنس على الشياطين. والثاني:
الأتباع على الرؤساء يَتَساءَلُونَ تسآل توبيخ وتأنيب ولَومْ، فيقول الأتباع للرؤساء: لِمَ غررتمونا؟
ويقول الرؤساء: لم قبلتم منّا؟ فذلك قوله تعالى: قالُوا يعنى الأتباع للمتبوعين إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: كنتم تَقْهَروننا بقُدرتكم علينا، لأنّكم كنتم أعزّ منّا، رواه الضّحّاك.
والثاني: من قِبَل الدِّين فتُضِلوُّنا عنه، قاله الضحاك، وقال الزجاج: تأتوننا من قِبَل الدِّين فتخدعونا

(١) الملك: ٨٠.
(٢) القمر: ٤٤.

صفحة رقم 539

بأقوى الأسباب. والثالث: كنتم تُوثِّقون ما كنتم تقولون بَأيْمانكم، فتأتوننا من قِبَل الأيْمان التي تَحْلِفونها، حكاه عليّ بن أحمد النيسابوري. فيقول المتبوعون لهم: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أي: لم تكونوا على حَقّ فنُضلِّكم عنه، إِنما الكفر من قبلكم. وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ فيه قولان:
أحدهما: أنه القَهْر. والثاني: الحُجَّة. فيكون المعنى على الأول: وما كان لنا عليكم من قُوَّة نَقْهَرُكم بها ونُكْرِهِكُم على مُتابعتنا، وعلى الثاني: لم نأتكم بحُجَّة على ما دعَوْناكم إٍليه كما أتت الرُّسل.
قوله تعالى: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا أي: فوجبت علينا كلمةُ العذاب، وهي قوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ «١» إِنَّا لَذائِقُونَ العذاب جميعاً نحن وأنتم، فَأَغْوَيْناكُمْ أي: أضلَلْناكم عن الهُدى بدعائكم إلى ما نحن عليه، وهو قوله تعالى: إِنَّا كُنَّا غاوِينَ.
ثم أخبر عن الأَتباع والمتبوعين بقوله تعالى: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ، والمجرمون ها هنا: المشركون، إِنَّهُمْ كانُوا في الدُّنيا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ أي: قولوا هذه الكلمة يَسْتَكْبِرُونَ أي: يَتَعَظَّمُون عن قولها، وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا المعنى: أَنَتْرُكُ عبادة آلهتنا لِشاعِرٍ أي: لاتباع شاعر؟! يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فردّ الله تعالى عليهم فقال: بَلْ أي: ليس الأمر على ما قالوا، بل جاءَ بِالْحَقِّ وهو التوحيد والقرآن، وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ الذين كانوا قبله والمعنى أنه أتى بما أتَوْا به. ثم خاطب المشركين بما بعد هذا إلى قوله تعالى: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني الموحِّدين.
قال أبو عبيدة: والعرب تقول: إنَّكم لَذاهبون إلاّ زيداً. وفي ما استثناهم منه قولان: أحدهما: من الجزاء على الأعمال، فالمعنى: إنّا لا نؤاخذهم بسوء أعمالهم، بل نَغْفِرُ لهم، قاله ابن زيد. والثاني:
من دون العذاب، فالمعنى: فإنهم لا يذوقون العذاب، قاله مقاتل.
قوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فيه قولان: أحدهما: أنه الجنة، قاله قتادة. والثاني: أنه الرِّزق في الجنة، قاله السدي، فعلى هذا، في معنى «معلوم» قولان: أحدهما: أنه بمقدار الغداة والعشيّ، قاله ابن السّائب. والثاني: أنهم حين يشتهونهُ يؤتَون به، قاله مقاتل.
ثم بيَّن الرِّزق فقال: فَواكِهُ وهي جمع فاكهة وهي الثِّمار كلُّها، رَطْبها ويابسها وَهُمْ مُكْرَمُونَ بما أعطاهم الله. وما بعد هذا قد تقدّم تفسيره «٢» إلى قوله تعالى: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ قال الضحاك: كلُّ كأس ذُكِرتْ في القرآن، فإنما عُنيَ بها الخمر، قال أبو عبيدة: الكأس: الإناء بما فيه والمَعين: الماء الطَّاهر الجاري. قال الزّجّاج: الكأس: الإناء الذي فيه الخمر، وتقع الكأسُ على كل إناءٍ مع شرابه، فإن كان فارغا فليس بكأس. والمعين: الخمر يجري كما يجري الماء على وجه الأرض من العُيون.
قوله تعالى: بَيْضاءَ قال الحسن: خمر الجنة أشدُّ بياضاً من اللَّبَن، قال أبو سليمان الدمشقي:
ويدل على أنه أراد بالكأس الخمر، أنه قال: «بيضاءَ» فأنَّث ولو أراد الإناء على انفراده، أو الإِناء والخمر، لقال: أبيض. وقال ابن جرير: إنما أراد بقوله: «بيضاءَ» الكأس، ولتأنيث الكأس أنّثت البيضاء. قوله تعالى: لَذَّةٍ قال ابن قتيبة: أي: لذيذة، يقال: شراب لِذاذ: إِذا كان طَيِّباً. وقال

(١) الأعراف: ١٨.
(٢) الحجر: ٤٧.

صفحة رقم 540
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية