آيات من القرآن الكريم

فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا
ﭑﭒ ﭔﭕ ﭗﭘ ﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

معها إلا جبريل والحفظة تسمى المفردة، وقد ختمت سورتا المزمل والأحزاب بما ختمت به هذه السورة فقط، هذا والله أعلم وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تفسير سورة الصافات عدد ٦- ٥٦- ٣٧
نزلت بمكة بعد الأنعام، وهي مئة واثنتان وثمانون آية، وثمنمئة وستون كلمة، وثلاثة آلاف وستة وعشرون حرفا، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا مثلها في عدد الآي.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: «وَالصَّافَّاتِ» الملائكة المصطفين لعظمة ربهم والخيل المصطفة بالمجاهدين لطاعته، والحيتان الصافة بالمياه بأمره، والطيور المصطفة بالهواء بقدرته «صَفًّا» ١ باستقامة واحدة أكثر انتظاما من أهل الدنيا الذين تعلموا هذا الاحترام وغيره من الكتب السماوية، أخرج أبو داود عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ألا تصطفوا كما تصطف الملائكة عند ربهم؟ قلنا وكيف تصطف الملائكة عند ربهم؟ قال يتممون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف «فَالزَّاجِراتِ زَجْراً» بالآيات الآمرة بالحق الزاجرة عن الباطل ومعنى الزجر الدفع قال:
زجر أبي عروة السباع إذا اشفق أن يختلطن بالغنم
ويأتي بمعنى السوق الحثيث والحث «فَالتَّالِياتِ ذِكْراً» ٣ لآيات الله تعالى من القرآن العظيم وغيره من الكتب السماوية على الغير، هذا إذا أريد بالتاليات الملائكة الذين وكل إليهم أمر الوحي إلى الأنبياء، وإذا أريد الإطلاق فتعم كل قارئ لذكر الله تعالى والإطلاق أحسن من التقييد، وقد أقسم الله تعالى بهذا الصنف من الملائكة لما لها من المزية على غيرها بما عهد لها به من ذلك وجواب القسم «إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ» ٤ لا رب لكم غيره وهو «رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ» ٥ والمغارب أيضا وهي ثلاثمائة وخمسة وخمسون

صفحة رقم 437

مشرقا ومغربا، لأن الشمس كل يوم تطلع بحسب ما نراه من أفق وتغيب في أفق أي في طرفه وجهته، وجاء في الآية الأخرى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) ١٧ من سورة الرحمن باعتبار مشرقي الصيف ومغربي الشتاء، لأنها بحسب ما نراه تبدأ بالطلوع من جهة الأفق وتبقى تتدرج حتى تنتهي لمستقر لها في جهته الأخرى ثم ترجع تدريجيا أيضا حتى تنتهي لمقرها الأول وفي الغروب هكذا دواليك، فبهذا الاعتبار يكون مشرقين ومغربين، وباعتبار الآية المفسرة يكون مشارق ومغارب، وفي قوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) الآية ١٨ من سورة الشعراء المارة في ج ١ باعتبار أن المشرق كله جهة واحدة والمغرب كذلك فلا تنافي بين هذه الآيات ووجه الجمع بينها ما ذكرناه، وفي هذه الآية ردّ لما يقوله الكفار بوجود آلهة متعددة.
مطلب انقضاض الشهب واستراق السمع وما يحصل من الانقضاض ومعنى التعجب:
قال تعالى «إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا» القربى منكم أيها الناس «بِزِينَةٍ» عظيمة بديعة يعجز عن بعضها كل من وما في الكون وهي «الْكَواكِبِ» ٦ المنيرة فيها بأنواعها وأشكالها المتناسبة والمختلفة في اللون والحجم والضياء والسير والتسمية، فهذه الجوزاء وبنات نعش والميزان والثريا، وتلك القلادة والنثرة والبلدة والزهراء، وأولئك الجدي وسهيل والعقرب وغيرها مرصعة على زرقة السماء الواسع العظيم. قال:

فكأن أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق
فلا أبدع ولا أحسن من مرآها جل الإله الذي براها، وللكواكب فوائد جمة غير الزينة والضياء لمعرفة الجهات والمواسم والتأثيرات التي أودعها الله فيها مما عرفه الإنسان ومما لم يعرفه «وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ» ٧ عات إذ يرمى منها بشهب محرقة لأجل أن «لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى» من الملائكة الذين يتلقون كلام ربهم المقدس فينقلون ما يسمعونه إلى الكهنة والسحرة فيتكلمون بها إلى الناس ويوهمونهم بأنهم يعلمون الغيب «وَيُقْذَفُونَ» أولئك المتسمعون بشهبها «مِنْ كُلِّ جانِبٍ ٨» من آفاق السماء فيطردونهم طردا ويدحرونهم «دُحُوراً» فيبعدونهم عن مجالس الملائكة، وهذا عذابهم في الدنيا «وَلَهُمْ» في الآخرة «عَذابٌ واصِبٌ ٩» دائم شديد لا ينقطع، قال أبو الأسود الدؤلي:

صفحة رقم 438
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية