
الحساب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أنها ستُحضر الحساب.
وقال آخرون: معناه: إن قائلي هذا القول سيُحضرون العذاب في النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) إن هؤلاء الذين قالوا هذا لمحضَرُون: لمعذّبون. وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: إنهم لمحضرون العذاب، لأن سائر الآيات التي ذكر فيها الإحضار في هذه السورة، إنما عُنِيَ به الإحضار في العذاب، فكذلك في هذا الموضع.
وقوله (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) يقول تعالى ذكره تنزيهًا لله، وتبرئة له مما يضيف إليه هؤلاء المشركون به، ويفترون عليه، ويصفونه، من أن له بنات، وأن له صاحبة.
وقوله (إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) يقول: ولقد علمت الجنَّةُ أن الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله لمحضرون العذاب، إلا عباد الله الذين أخلصَهُمْ لرحمته، وخلقهم لجنته.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ (١٦٣) وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) ﴾

يقول تعالى ذكره: (فَإِنَّكُمْ) أيها المشركون بالله (وَمَا تَعْبُدُونَ) من الآلهة والأوثان (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) يقول: ما أنتم على ما تعبدون من دون الله بفاتنين: أي بمضِلِّينَ أحدًا (إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) يقول: إلا أحدًا سبق في علمي أنه صال الجحيم.
وقد قيل: إن معنى (عَلَيْهِ) في قوله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) بمعنى به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) يقول: لا تضلون أنتم، ولا أضل منكم إلا من قد قضيت أنه صال الجحيم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) يقول: ما أنتم بفاتنين على أوثانكم أحدا، إلا من قد سبق له أنه صال الجحيم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، عن خالد، قال: قلت للحسن، قوله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) إلا من أوجب الله عليه أن يَصْلَى الجحيم.
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن حماد بن سلمة، عن حميد، قال: سألت الحسن، عن قول الله: (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) قال: ما أنتم عليه بمضلين إلا من كان في علم الله أنه سيصْلَى الجحيم.
حدثنا إن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) : إلا من قدر عليه أنه يَصْلَى الجحيم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن العشرة الذين دخلوا على عمر بن عبد العزيز، وكانوا متكلمين كلهم، فتكلموا، ثم إن عمر بن عبد العزيز تكلم بشيء، فظننا أنه تكلم بشيء رد به ما كان في أيدينا، فقال لنا: هل تعرفون تفسير هذه الآية: (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) قال: إنكم والآلهة التي تعبدونها لستم بالذي تفتنون عليها إلا من قَضَيْت عليه أنه يَصْلَى الجحيم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم (إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيم) قال: ما أنتم بمضلين إلا من كتب عليه إنه يصلى الجحيم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ) حتى بلغ: (صَالِي الْجَحِيمِ) يقول: ما أنتم بمضلين أحدا من عبادي بباطلكم هذا، إلا من تولاكُم بعمل النار.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السديّ (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) بمضلين (إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) إلا من كتب الله أنه يصلى الجحيم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) يقول: لا تضلون بآلهتكم أحدا إلا من سبقت له الشقاوة، ومن هو صال الجحيم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) يقول: لا تفتنون به أحدا، ولا تضلونه، إلا من قضى الله أنه صال الجحيم، إلا من قد قضى أنه من أهل النار.
وقيل: (بِفَاتِنِينَ) من فتنت أفتن، وذلك لغة أهل الحجاز، وأما أهل نجد فإنهم يقولون: أفتنته فأنا أفتنه. وقد ذُكر عن الحسن أنه قرأ:"إلا مَنْ هُوَ صَالُ

الجَحِيمِ" برفع اللام من"صالِ"، فإن كان أراد بذلك الجمع كما قال الشاعر:
إذَا ما حاتِم وُجِدَ ابْنَ عَمِّي | مَجْدَنا منْ تَكَلَّمُ أجْمعِينا (١) |
وقوله (وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) وهذا خبر من الله عن قيل الملائكة أنهم قالوا: وما منا معشر الملائكة إلا من له مقام في السماء معلوم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك: