
وعن الحسن: أشركوا الجن في طاعة الله. ويجوز إذا فسر الجنة بالشياطين: أن يكون الضمير في إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ لهم، والمعنى أن الشياطين عالمون بأنّ الله يحضرهم النار ويعذبهم، ولو كانوا مناسبين له أو شركاء في وجوب الطاعة لما عذبهم إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من المحضرين: معناه ولكن المخلصين ناجون. وسبحان الله: اعتراض بين الاستثناء وبين ما وقع منه. ويجوز أن يقع الاستثناء من الواو في يصفون، أى: يصفه هؤلاء بذلك، ولكن المخلصون برآء من أن يصفوه به.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٦١ الى ١٦٣]
فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)
والضمير في عَلَيْهِ لله عز وجلّ ومعناه: فإنكم ومعبوديكم ما أنتم وهم جميعا بفاتنين على الله إلا أصحاب النار الذين سبق في علمه أنهم لسوء أعمالهم يستوجبون أن يصلوها. فإن قلت: كيف يفتنونهم على الله؟ قلت. يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهزائهم، من قولك يفتن فلان على فلان امرأته، كما تقول: أفسدها عليه وخيبها عليه. ويجوز أن يكون الواو في وَما تَعْبُدُونَ بمعنى مع، مثلها في قولهم: كل رجل وضيعته، فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته، وأنّ كل رجل وضيعته، جاز أن يسكت على قوله فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ لأن قوله وَما تَعْبُدُونَ سادّ مسدّ الخبر، لأن معناه: فإنكم مع ما تعبدون. والمعنى: فإنكم مع آلهتكم، أى: فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونها، ثم قال: ما أنتم عليه، أى على ما تعبدون بِفاتِنِينَ بباعثين أو حاملين على طريق الفتنة والإضلال إِلَّا مَنْ هُوَ ضال مثلكم. أو يكون في أسلوب قوله:
فإنّك والكتاب إلى علىّ | كدا بغة وقد حلم الأديم «١» |