آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
ﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤ

الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٣٩ الى ١٤٨]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)
. (١) أبق: فرّ متمردا.
(٢) المشحون: المملوء.
(٣) ساهم: دخل في المساهمة وهي القرعة.
(٤) المدحضين: الساقطين.
(٥) التقمه: ابتلعه.
(٦) مليم: ملوم أي أتى بما يلام عليه.
(٧) نبذناه: طرحناه وألقيناه.
(٨) العراء: وجه الأرض الخالي من الشجر والظل.
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.

صفحة رقم 230

ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت (صاحب الحوت) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في السفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.

وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم اتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه- وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً [٨٧] فأنبت الله الخروعة وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربّه على ذلك فقال له الله أشفقت على شجرة لم تتعب بها أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا وفي آية سورة الأنبياء وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.

صفحة رقم 231
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية