
وقال الأزهريّ: العرب تضرب بالمرخ والعفار، المثل في الشرف العالي.
فتقول: (في كل شجر نار. واستمجد المرخ والعفار) أي كثرت فيهما على ما في سائر الشجر. و (استمجد) استكثر واستفضل. وذلك أن هاتين الشجرتين من أكثر الشجر نارا، وزنادهما أسرع الزناد وريا. وفي المثل: اقدح بعفار أو مرخ، ثم اشدد إن شئت أو أرخ. ويقال (في كل شجر نار إلا العنّاب).
قال الشهاب: ولذا يتخذ منه مدقّ القصارين. ثم أنشد لنفسه:
أيا شجر العنّاب نارك أوقدت | بقلبي. وما العنّاب من شجر النار |
والمقصود أنه تعالى لا يمتنع عليه إعادة المزاج الذي به تعلق الروح بعد انعدامه بالكلية. لأن الذي يبدل مزاج الشجر الرطب بمزاج النار، وهي حارة يابسة بالفعل، مع ما في الشجر من المائية المضادّة لها، أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضّا، تطرأ عليه اليبوسة والبلى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٨١]
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١)
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أي مع كبر جرمهما بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ أي في الصغر والضعف ثانيا، بعد ما خلقهم أولا بَلى أي هو القادر وَهُوَ الْخَلَّاقُ أي الكثير الخلق مرة بعد أخرى الْعَلِيمُ أي الواسع المعلومات.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٨٢]
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)
إِنَّما أَمْرُهُ أي شأنه الأعلى أو قوله النافذ إِذا أَرادَ شَيْئاً أي إذا تعلقت إرادته بإيجاد شيء أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أي فيوجد عن أمره.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٨٣]
فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)
فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ تنزيه له مما وصفه به المشركون، صفحة رقم 197

وتعجيب من أن يقولوا فيه ما قالوا. وهو مالك كل شيء والمتصرّف فيه بلا وازع ولا منازع. وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي بعد الموت، فيجازيكم بأعمالكم.
فائدة:
قال ابن كثير: الملك والملكوت واحد في المعنى. كرحمة ورحموت ورهبة ورهبوت، وجبر وجبروت. ومن الناس من زعم أن الملك هو عالم الأجسام، والملكوت هو عالم الأرواح. والصحيح الأول. وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم. انتهى.
ولبعضهم: إن الملكوت صيغة مبالغة من الملك. فهو بمعنى الملك التام، والله هو العليم العلام.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الصافّاتسميت بها لاستمال الآية التي هي فيها على صفات للملائكة تنفي إلهية الملائكة من الجهات الموهمة لها فيهم. فينتفي بذلك إلهية ما دونهم، فيدل على توحيد الله، وهو من أعظم مقاصد القرآن. قاله المهايمي.
وهي مكية اتفاقا، وآيها مائة واثنتان وثمانون.
روى النسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا بالتخفيف، ويؤمّنا بالصفات
. قال ابن كثير: تفرد به النسائي. صفحة رقم 199