آيات من القرآن الكريم

فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

شرح الكلمات:
وما علمناه الشعر: أي وما علمنا رسولنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشعر فما هو بشاعر.
وما ينبغي له: أي وما يصلح له ولا يصح منه.
إن هو إلا ذكر وقرآن مبين: أي ليس كما يقول المشركون من أن القرآن شعر ما هو أي القرآن الذي يقرأه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا ذكر أي عظة وقرآن مبين لا يشك من يسمعه أنه ليس بشعر لما يظهر من الحقائق العلمية.
لينذر من كان حياً: أي يعقل ما يخاطب به وهم المؤمنون.
ويحق القول على الكافرين: أي ويحق القول بالعذاب على الكافرين لأنهم ميتون لا يقبلون النذارة.
أنعاماً فهم له مالكون: الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.
وذللناها لهم: أي سخرناها لهم وجعلناهم قاهرين لها يتصرفون فيها.
فمنها ركوبهم ومنها يأكلون: أي من بعضها يركبون وهي الإبل ومنها يأكلون أي ومن جميعها يأكلون.
ولهم فيها منافع ومشارب: المنافع كالصوف والوبر والشعر، والمشارب الألبان.
أفلا يشكرون: أي يوبخهم على عدم شكرهم الله تعالى على هذه النعم بالإيمان والطاعة.
واتخذوا من دون الله آلهة: أي أصناماً يعبدونها زعماً منهم أنها تنصرهم بشفاعتها لهم عند الله.
لا يستطيعون نصرهم: أي لا تقدر تلك الأصنام على نصرهم بدفع العذاب عنهم.
وهم لهم جند محضرون: أي لا يقدرون على نصرتهم والحال أنهم أي المشركين جندٌ محضرون لتلك الآلهة ينصرونها من أن يمسها أحد بسوء فبدل أن تنصرهم هم ينصرونها كجند معبئون لنصرتها.
فلا يحزنك قولهم: أي إنك لست مرسلاً إنك شاعرٌ وكاهن ومفترٍ.
إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون: أي إنهم ما يقولون ذلك إلا حسداً وهم يعلمون أنك رسول الله وما جئت به هو الحق وسوف نجزيهم بتكذيبهم لك وكفرهم بنا وبلقائنا وديننا الحق.

صفحة رقم 390

معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ (١) ﴾ رد على المشركين الذين قالوا في القرآن شعر وفي الرسول الله شاعر فقال تعالى ﴿وما علمناه﴾ أي نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿الشِّعْرَ (٢) وَمَا يَنْبَغِي لَهُ﴾ أي لا يصح منه ولا يصلح له. ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ﴾ أي ما هو الذي يتلوه إلا ذكر يذكر به الله وعظة يتعظ به المؤمنون ﴿وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ مبين للحق مظهر لمعالم الهدى أنزلناه على عبدنا ورسولنا لينذر به من كان حياً أي القلب والضمير لإيمانه وتقواه لله ويحق أي به القول وهو العذاب على الكافرين لأنهم لا يهتدون به فيعيشون على الضلال ويموتون عليه فيجب لهم العذاب في الدار الآخرة. وقوله ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ أي أعمي أولئك المشركون ولم يروا مظاهر قدرتنا وإحساننا الموجبة لعبادتنا وهي ﴿أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ (٣) أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾ يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه، والمراد بالأنعام الماشية من إبل وبقر وغنم وقوله ﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ﴾ أي سخرناها لهم بحيث يركبون ويحلبون ويحملون وينحرون ويذبحون ويأكلون، ولولا هذا التسخير لما قدروا عليها أبداً. وقوله ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ﴾ المنافع كالصوف والوبر والشعر والمشارب جمع مشرب وهي الألبان في ضروعها يحلبون منها ويشربون. وقوله ﴿أَفَلا يَشْكُرُونَ﴾ يوبخهم على أكل النعم وعدم الشكر عليها، وشكر الله عليها هو الإيمان به وتوحيده في عبادته. وقوله ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً﴾ أي اتخذ أولئك المشركون آلهة هي أصنامهم التي يعبدونها لعلهم ينصرون أي رجاء نصرتها لهم وذلك بشفاعتها لهم عند الله تعالى كما يزعمون. قال تعالى في إبطال هذا الرجاء وقطعه عليهم ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ﴾ لأنهم أصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر وقوله ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ أي والحال أن المشركين هم جند تلك الأصنام محضرون عندها يدافعون عنها ويحمونها ويغضبون لها فكيف ينصرك من هو مفتقر إلى نصرتك. وقوله تعالى ﴿فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ (٤) ﴾ أي لا تحزن لما يقول قومك من أنك لست مرسلاً، وأنك شاعر

١ - إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أصالته في الأدب الرفيع وكيف وهو قرشي مضري لا يحسن إنشاد بيت من الشعر حتى إنه أنشد يوماً بيت طرفة فقال:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك من لم تزوده بالأخبار.
فقال أبو بكر والله إنك لرسول الله إذ عجز البيت هكذا: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
٢ - وما علمناه الشعر أي وما أوحينا إليه شعراً وما علمناه إياه.
٣ - مما عملت (ما) موصولة بمعنى الذي وحذف العائد وهو الضمير لطول الاسم أي عملته. وإن قلنا "ما" مصدرية فلا حاجة إلى مراعاة العائد ولا تقديره.
٤ - قرئ يحزنك بضم الياء من أحزنه يحزنه وقرئ يحزنك بفتح الياء وضم الزاي، والنهي عن الحزن نهي عن أسبابه الموجبة له، إذ الحزن لا يملك الإنسان دفعه ولكن يستطيع تجنب مثيراته والمراد من هذا النهي تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يواجهه به المشركون من أنه ساحر أو شاعر وما إلى ذلك.

صفحة رقم 391

وساحر وكاهن إلى غير ذلك من أقاويلهم، ﴿إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (١) ﴾ وسنجزيهم عن قولهم الباطل ونأخذهم بكذبهم وافترائهم عليك كما نحن نعلم أنهم ما قالوا الذي قالوا إلا حسداً لك، وإلا فهم يعلمون أنك رسول الله وما أنت بالساحر ولا الشاعر ولا المجنون، ولكن حملهم على ما يقولون الحسد والعناد والكبر.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير النبوة المحمدية وأن القرآن ذكر وليس شعر كما يقول المبطلون.
٢- الحكمة من نزول القرآن هي أن ينذر به الرسول الأحياء من أهل الإيمان.
٣- بيان خطأ الذين يقرأون القرآن على الأموات ويتركون الأحياء لا يقرأونه عليهم وعظاً لهم وإرشاداً وتعليماً
وتذكيراً.
٤- وجوب ذكر النعم وشكرها بالاعتراف بها، وصرفها في مرضاة واهبها وحمده عليها.
٥- بيان سخف المشركين في عبادتهم أصناماً يرجون نصرتها وهم جند معبأ لنصرتها من أن يمسها أحد بسوء.
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)

١ - جملة إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون جملة تذييلية المراد منها أمران تطمين الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كفاية الله تعالى له وأن كيدهم لا يضره وتهديد المشركين بإعلامهم أن الله مطلع على ما يمكرون وسيجزيهم به.

صفحة رقم 392
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية