آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (٤٤) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦)
شرح الكلمات:
وآية لهم: أي وعلامة لهم على قدرتنا على البعث.
أنا حلمنا ذريتهم: أي ذريات قوم نوح الذين أهلكناهم بالطوفان: نجينا ذريتهم لأنهم مؤمنون موحدون وأغرقنا آباءهم لأنهم مشركون.
في الفلك المشحون: أي في سفينة نوح المملوءة بالأزواج من كل صنف.
وخلقنا لهم من مثله: أي من مثل فلك نوح ما يركبون.
فلا صريخ لهم: أي مغيث ينجيهم فيكف صراخهم.
ومتاعاً إلى حين: أي وتمتيعاً لهم بالطعام والشراب إلى نهاية آجالهم.
اتقوا ما بين أيديكم: أي من عذاب الدنيا أي بالإيمان والاستقامة.
وما خلفكم: من عذاب الآخرة إذا أصررتم على الكفر والتكذيب.
وما تأتيهم من آية: أي وما تأتيهم من آية أو من حجة من حجج القرآن وبينّة من بيناته الدالة على توحيد الله وصدق الرسول إلا كانوا عنها معرضين غير ملتفتين إليها ولا مبالين بها.
معنى الآيات:
ما زال السياق في عرض الآيات الكونية للدلالة على البعث والتوحيد والنبوة فقال تعالى ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ﴾ أي أخرى غير ما سبق ﴿أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١) ﴾ أي حملنا ذرية قوم نوح

١ - قرأ نافع ذرياتهم جمع ذرية وقرأ حفص بالإفراد ذريتهم اسم جمع فهو بمعنى ذرياتهم. لفظ الذرية وإن كان أساساً يطلق على الأولاد فإنه أطلق على الآباء والأجداد إذ الكل هم ذرية لآدم عليه السلام والمشحون الموقر بما حمل فيه من سائر المخلوقات.

صفحة رقم 380

المؤمنين فأنجيناهم بإيمانهم وتوحيدهم وأغرقنا المشركين فهي آية واضحة عن رضا الله تعالى عن المؤمنين الموحدين وسخطه على الكافرين المشركين المكذبين إن في هذا الإنجاء للموحدين والإغراق للمشركين آية وعبرة لو كان مشركو قريش في مكة يفقهون. وقوله تعالى ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ وهذه آية أخرى أيضاً وهي أن الله أنجى الموحدين في فلك لم يسبق له مثيل ثم خلق لهم مثله ما يركبون إلى يوم القيامة ولو شاء عدم ذلك لما كان لهم فلك إلى يوم القيامة وآية أخرى ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ﴾ وهي قدرته تعالى على إغراق ركاب السفن الكافرين وإن فعلنا لم يجدوا صارخاً (١) ولا معيناً يغيثهم وينجيهم من الغرق ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا (٢) ﴾ الله إلا رحمتنا فإنها تنالهم فتنديهم ليتمتعوا في حياتهم بما كانوا يتمتعون به إلى حين حضور آجالهم المحدودة لهم. وقوله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٣) ﴾ أي وإذا قيل لهؤلاء المكذبين بآيات الله المعرضين عن دينه المشركين به اتقوا ما بين أيديكم من العذاب حيث موجبه قائم وهو كفركم وعنادكم، وما خلفكم من عذاب الآخرة إذ مقتضيه موجود وهو الشرك والتكذيب رجاء أن ترحموا فلا تعذبوا أعرضوا كأنهم لم يسمعوا. وقوله ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ﴾ كلام ربهم القرآن الكريم تحمل الحجج والبراهين على صحة ما يدعون إليه من الإيمان والتوحيد إلا كانوا عنها معرضين تمام الإعراض كأن قلوبهم قُدت من حجر والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان فضل الله على البشرية في إنجاء ذرية قوم نوح الكافرين ومنهم كان البشر وإلا لو أغرق الله الجميع المؤمنين الذرية والكافرين الآباء لم يبق في الأرض أحد.
٢- حماية الله تعالى للعباد ورعايته لهم وإلا لهلكوا أجمعين ولكن أين شكرهم؟
٣- بيان إصرار كفار قريش وعنادهم الأمر الذي لم يسبق له مثيل.
٤- الإشارة بالمثلية في قوله ﴿من مثله﴾ إلى تنوع السفن من البوارج والغواصات والطربيدات الحربية.

١ - الصريخ هو الصارخ وهو المستغيث المستنجد تقول العرب جاءهم الصريخ أي المنكوب المستنجد لينقذوه وهو فعيل بمعنى فاعل.
٢ - الاستثناء منقطع فهو بمعنى لكن لأن الرحمة ليست من جنس المستثنى منه وهو الصريخ.
٣ - الجملة واقعة موقع التذيل وتحمل معنى التأكيد لما سبق من معنى وهو أنهم إذا دُعوا إلى التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء أعرضوا ولم يستجيبوا.

صفحة رقم 381
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية