
أفضل الكتب الالهية وهذه الامة المرحومة أفضل جميع الأمم السابقة وفى التأويلات النجمية اى الذي ذكر من الظالم مع السابق فى الايراث والاصطفاء ودخول الجنة ومن دقائق حكمته انه تعالى ما قال فى هذا المعرض الفضل العظيم لان الفضل العظيم فى حق الظالم ان يجمعه مع السابق فى الفضل والمقام كما جمعه معه فى الذكر جَنَّاتُ عَدْنٍ يقال عدن بمكان كذا إذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة بلا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى يَدْخُلُونَها جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين وما لهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن أريد بقوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) او المنافقون والمتابعون بالإحسان واصحاب النبي عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه فعلى هذه الأقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وإرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب والاول هو الأصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار قال ابو الليث فى تفسير أول الآية وآخرها دليل على ان الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون فاما أول الآية فقوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة واما آخر الآية فقوله (يَدْخُلُونَها) إذ لم يقل يدخلانها- وروى- عن كعب الأحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول الله عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة إلا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم الله يوم القيامة ثلاثة أثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى أكون من الصنف الاول وان لم أكن من الصنف الثاني او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) الى قوله (يَدْخُلُونَها) وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم أصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعم والتزين فيها ذكرهم على الجمع (جَنَّاتُ عَدْنٍ) الآية نبه على ان دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر (ان من اهل الجنة من يرى الله سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة) كما سبق يُحَلَّوْنَ [التحلية: با زيور كردن] اى يلبسون على سبيل التزين والتحلي نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة فِيها اى فى تلك الجنات مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ من الاولى تبعيضية والثانية بيانية. وأساور جمع اسورة وهو جمع سوار مثل كتاب وغراب معرب «دستواره» والمعنى يحلون بعض أساور من ذهب لانه أفضل من سائر افرادها اى بعضا سابقا لسائر الأبعاض
صفحة رقم 351
علياء لا تنزل الأحزان ساحتها | لومسها حجر مسته سراء |
نماند اين شب تاريك ميرسد سحرش | نماند ابر ز خورشيد ميرود كدرش |

دوزخ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن] لجهر المستغيث صوته رَبَّنا بإضمار القول يقولون ربنا أَخْرِجْنا من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً [عمل پسنديده] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الأعمال مبنى على الايمان غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه إذ كان هوى وطبعا ومخالفة: يعنى [اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار ما در دنيا شايسته نبود] أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [والتعمير: زندكانى دادن] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [والتذكر: پند كرفتن] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثاني مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [آيا زندكانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شما را آن مقدار پند كيريد ودر ان عمر هر كه
خواهد كه پند كيرد] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه وإصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة أعظم يعنى إذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثماني عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة أشد من الاول وفى الحديث (اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة) اى أزال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام (أعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين) وأقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث (ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده وأبناء الستين ما قدمتم وما عملتم وأبناء السبعين هلموا الى الحساب) وكان الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره إذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولا نسيناك لما نسيتنا أنت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لانسنا. وكان إذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبرسنك وتمردجنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت إلينا قبلناك
دل ز دنيا زودتر كردد جوانانرا خنك | كهنكى از سردىء آبست مانع كوزه را |