آيات من القرآن الكريم

۞ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ

قوله جل ذكره:
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١٣]
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣)
تغلب النّفس مرة على القلب، ويغلب القلب مرة على النّفس. وكذلك القبض والبسط فقد يستويان، ومرة يغلب القبض على البسط، ومرة يغلب البسط على القبض، وكذلك الصحو والسّكر، وكذلك الفناء والبقاء.
وسخّر شموس التوحيد وأقمار المعرفة على ما يريد من إظهاره على القلوب.
«ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ» : فأرونى شظية من النفي أو الإثبات لما تدعونه من دونه! وإذ لم يمكنكم ذلك.. فهلّا أقررتم، وفي عبادته أخلصتم، وعن الأصنام تبرّأتم؟.
قوله جل ذكره:
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١٤]
إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)
إن استعنتم بأصنامكم لا يعينوكم، وإن دعوتموهم لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا- على جهة ضرب المثل- لا يستجببون لكم لأنهم لا يملكون نفع أنفسهم.. فكيف يملكون نفع غيرهم؟! «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ» : لا يؤمنون إلا في ذلك الوقت، ولكن لا ينفعهم الإيمان بعد زوال التكليف.
قوله جل ذكره:
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١٥]
يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)
الفقر على ضربين: فقر الخلقة وفقر الصفة فأمّا فقر الخلقة فهو عامّ لكلّ أحد فكلّ مخلوق مفتقر إلى خالقه، فهو قد حصل من العدم، فهو مفتقر إليه ليبديه وينشيه، ثم بعد

صفحة رقم 198

ذلك مفتقر- فى حال بقائه إليه- ليديمه ويقيه. فالله- سبحانه- غنيّ، والعبد فقير العبد فقير بعينه والله غنيّ بعينه «١».
وأمّا فقر الصفة فهو التجرّد ففقر العوام التجرّد من المال، وفقر الخواص التجرد من الأعلال ليسلم لهم الفقر.
والفقر على أقسام: فقر إلى الله، وفقر إلى شىء هو من الله معلوم أو مرسوم وغير ذلك.
ومن افتقر إلى شىء استغنى بوجود ذلك الشيء فالفقير إلى الله هو الغنيّ بالله، والافتقار إلى الله لا يخلو من الاستغناء بالله، فالمفتقر إلى الله مستغن بالله، والمستغنى بالله مفتقر إلى الله «٢».
ومن شرف الفقر اقترانه بالتواضع والخضوع، ومن آفات الغنى امتزاجه بالتكبّر.
وشرف العبد في فقره، وكذلك ذلّه في توهمه أنه غنيّ: -

وإذا تذلّلت الرّقاب تقرّبا منّا إليك فعزّها في ذلّها «٣»
ومن الفقر المذموم، أن يستر الحقّ على صاحبه مواضع فقره إلى ربّه، ومن الفقر المحمود أن يشهده الحقّ مواضع فقره إليه.
ومن شرط الفقير المخلص ألا يملك شيئا ويملك كلّ شىء.
ويقال: الفقير الصادق الذي لا يملكه شىء «٤».
ومن آداب الفقير الصادق إظهار التّشكّر عند كمال التكسّر. ومن آداب الفقر كمال المعنى وزوال الدعوى. ويقال الشكر على البلوى والبعد عن الشكوى.
(١) أي أن العبد- كذات مستقلة- فقير لأنه مخلوق يحتاج إلى خالقه، والحق- كذات مستقلة- غنى لأنه خالق فهو في غير حاجة إلى مخلوقه.
(٢) من أقوال الجنيد في هذا الصدد وقد سئل عن الافتقار إلى الله: أهو أتم أم الاستغناء بالله قال: إذا صح الافتقار إلى الله فقد صح الاستغناء بالله، وإذا صح الاستغناء بالله كمل الغنى به فلا يقال أيهما أتم لأنهما حالتان لا تتم إحداهما إلا بالأخرى (الرسالة ص ١٣٥).
(٣) من أقوالهم في هذا الصدد: لو علم أبناء الملوك ما نحن فيه من عز لجالدونا عليه.
(٤) أي لا يكون أسيرا لغرض أو لعرض، فتلك آفة الدنيا والنفس.

صفحة رقم 199
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية