آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تفسير «سورة سبإ»
وهي مكّيّة واختلف في قوله تعالى: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الآية. فقيل: ذلك مكّيّ، وقيل: مدنيّ.
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢)
قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الأَلِفُ واللام في الْحَمْدُ: لاستغراق جنس المحامد، أي: الحَمْد على تَنَوُّعِهِ هُو لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ جميع جهات الفكرة، ويَلِجُ معناه: يدخل، ويَعْرُجُ معناه: يصعد.
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٣ الى ١١]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧)
أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (٨) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١)
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ رُوِيَ: أَنَّ قائلَ هذه المقالة هُو أبو

صفحة رقم 363

سفيانَ بنِ حَرْبٍ «١»، والَّلامُ من قوله: لِيَجْزِيَ يصحّ أن تكون متعلقة بقوله: لَتَأْتِيَنَّكُمْ والَّذِينَ معطوف على الَّذِينَ الأولى، أي: وليجزي ليجزي الّذين سعوا ومُعاجِزِينَ معناه: مُحَاوِلِينَ تَعْجِيزَ قدرةِ اللهِ فِيهمْ، ثُم أَخْبَرَ تَعَالَى بَأَنَّ الذِينَ أُوتُوا العِلمَ يَرَوْنَ الوَحْيَ المُنَزَّل عَلَى مُحَمَّدٍ عليه السلام حَقاً، والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قِيلَ: هُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنُونَ «٢» بِهِ، ثُمَّ حَكَى اللهُ تَعَالَى عَنْ الكُفَّارِ مَقَالَتَهُمْ الَّتِي قَالُوهَا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ وَالهُزْءِ وَاسْتِبْعَادِ البَعْثِ، هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يعنون محمّدا صلى الله عليه وسلّم يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بِالبِلَى وَتَقَطُّعِ الأوصال في القبور وغيرها وجَدِيدٍ بمعنى مُجَدَّدِ، وقولهم: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً هُوَ أَيْضاً مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ قَوْلِهِمْ فَقَالَ: بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ: يُريدُ عَذَابَ الآخرةِ لأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إلَيْه، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يريدَ عَذَابَ الدنيا أَيضاً، والضَّمِيرُ فِي قوله: أَفَلَمْ يَرَوْا لهؤلاء الذين لا يؤمِنُونَ بالآخرةِ وَقَفَهُمْ الله على قدرتِه، وخَوَّفَهُم من إحاطَتِهَا بهِمْ، والمعنى: أليسَ يَرونَ أمامَهم وَوَرَاءَهُم سَمَائِي وَأَرْضِي، وَبَاقِي الآية بيّن، ثم ٧٨ أذكر الله تَعَالَى نعمتَه عَلى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ/ احتجَاجاً على ما منح محمّدا، وأَوِّبِي مَعنَاه:
رَجِّعي معه، قال ابنُ عَبَّاسٍ وغيرُهُ: معناه: يا جبالُ سَبِّحِي مَعَه، أي: يُسَبِّحُ هُوَ وتُرَجِّع هِيَ معه التسبيحَ، أي: تُرَدِّدُهُ بالذكر «٣».
وقال مؤرج: أَوِّبِي سَبِّحِي بِلُغَةِ الحَبَشةِ، وقَرَأَ «٤» عَاصِمُ: «والطيرُ» - بالرفع- عَطْفاً عَلى لفظِ قوله: «يا جبال» وقرأ نافع وابن كثير: «والطير» بالنّصب-.

(١) ذكره ابن عطية (٤/ ٤٠٥).
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٣٤٧) (٢٨٧١١)، وذكره البغوي (٣/ ٥٤٩)، وابن عطية (٤/ ٤٠٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٤٢٦)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٣٥٠) (٢٨٧١٩)، وذكره ابن عطية (٤/ ٤٠٧)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢٧)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٢٦)، وعزاه لابن أبي شيبة في «المنصف»، وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) يعني قرأ عاصم في غير رواية حفص. وبها قرأ الأعرج وقرأ بها يعقوب كما ذكر الأزهري في «معاني القراءات» (٢/ ٢٩٠). وقرأ بقراءة الجمهور عاصم في رواية حفص، والحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو جعفر. وبالجملة فقد قال الأزهري (٢/ ٢٨٩) : واتفق القراء على نصب قوله: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ.
وينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٤٠٧)، و «البحر المحيط» (٧/ ٢٥٣)، و «الدر المصون» (٥/ ٤٣٤).

صفحة رقم 364
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية