آيات من القرآن الكريم

وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

يقال: ناشه ينوشه، وتناوشه القوم. ويقال تناوشوا في الحرب. ناش بعضهم بعضا.
وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون. وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا. مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع، تناولا سهلا لا تعب فيه. انتهى. أي ففيه استعارة تمثيلية. شبه إيمانهم حيث لا يقبل، يمن كان عنده شيء يمكن أخذه، فلما بعد عنه فرسخا، مد يده لتناوله. وقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٣]
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣)
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ حال أو معطوف أو مستأنف. والأول أقرب. وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي يرجمون بالظن فيتكلمون بما لم ينشأ عن تحقيق من أقوالهم الباطلة. كقولهم: ساحر وشاعر ومجنون وما نحن بمبعوثين. ونحو ذلك.
فكله مقذوف من جهة بعيدة، لا قرب لمصداقها بوجه ما.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٤]
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ أي من نفع الإيمان يومئذ، والنجاة به من النار. أو من أن يدال لهم الأمر. لأنه جاء نصر الله والفتح كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ أي بأشباههم من كفرة الأمم إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ من (أرابه) أوقعه في ريبة وتهمة. فالهمزة للتعدية. أو من (أراب الرجل) أي صار ذا ريبة. وهو مجاز، إما بتشبيه الشك بإنسان، على أنه استعارة مكنية وتخييلية. أو على أنه إسناد مجازيّ، أسند فيه ما لصاحب الشك، للشك، للمبالغة. أفاده الشهاب.
تنبيه:
في الإكليل قال ابن الفرس: احتج بهذه الآية بعض المفسرين، على أن الشاك كافر. وردّ بها على من زعم أنه ليس بكافر، وأن الله لا يعذب على الشك. انتهى.
وعن قتادة: إياكم والشك والريبة. فإن من مات على شك بعث عليه. ومن مات على يقين بعث عليه.
أحيانا الله وبعثنا على اليقين. إنه أرحم الراحمين. ووليّ المؤمنين.

صفحة رقم 157

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة فاطر
سميت بذلك لما جاء فيها من خلق الملائكة، وجعلهم ذوي أجنحة متنوعة في العدد، الدالّ على عجيب صنعه تعالى وباهر قدرته.
وقال المهايميّ: سميت بها لاشتمالها على بيان تفصيل رسالتهم، من جهة أخذهم الفيض عن الله، وإيصاله إلى خلقه، من جهة أو جهتين أو ثلاث أو أكثر.
ليشعر أن الرسالة العامة لهم، إذا كانت كذلك، فكيف الرسالة الخاصة؟ مثل إنزال القرآن. فيجوز أن يكون له جهات كثيرة.
وقد روي أنه كان لجبريل ستمائة جناح. انتهى.
وتسمى هذه السورة سورة (فاطر) لذكر هذا الاسم الجليل والنعت الجميل في طليعتها. وهذه السورة ختام السور المفتتحة بالحمد، التي فصلت فيها النعم الأربع، التي هي مجامع النعم. لأن نعم الله تعالى قسمان: عاجلة وآجلة. والعاجلة وجود وبقاء، والآجلة كذلك إيجاد مرة وإبقاء أخرى. كما بينه الرّازي.

صفحة رقم 158
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية