إلخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) إلخ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري لهم بالاستئصال والتدمير فأى شىء خطر هؤلاء بجنب أولئك فليحذروا من مثل ذلك: وبالفارسية [پس چهـ كونه بود ناپسند من ايشانرا وعذاب دادن] وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر إذا دل الناس على الله ودعاهم اليه قال أخدانهم السوء وإخوانهم الجهلة وأعوانهم الغفلة من الأقارب وأبناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال ﷺ فيهم (أولئك قطاع الطريق على العباد) هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه وأعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى أموالكم ومن ذا الذي يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن أقاربه وأهاليه ويضيع أولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لاتتمم هذا الأمر ولا بدلك من الدنيا ما دمت تعيش وأمثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الإقبال على الله والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة أمرهم الا الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الأحباب: وفى المثنوى
آدمي را دشمن پنهان بسيست
آدمىء با حذر عاقل كسيست
قال المولى الجامى فى درة التاج
چون سكندر بقصد آب حيات
كرد عزم عبور بر ظلمات
بزمينى رسيد پهن وفراخ
راند خيل وحشم در ان كستاخ
هر كجا مى شد از يسار ويمين
بود پر سنكريزه روى زمين
كرد روى سخن بسوى سپاه
كاى همه كرده كم ز ظلمت راه
اين همه كوهر است بى شك وريب
كيسه تان پر كنيد ودامن وجيب
هر كرا بود شك در إسكندر
آن حكايت نيامدش باور
كفت در زير نعل لعل كه ديد
درّ وكوهر برهكذر كه شنيد
وانكه آيينه سكندر بود
سرّ جانش در ومصوّر بود
هر چهـ از وى شنيد باور داشت
آنچهـ مقدور بود از ان برداشت
چون بريدند راه تاريكى
تافت خورشيدشان ز نزديكى
آن يكى دست ميكزيد كه چون
زين كهر بر نداشتم افزون
وان دكر خون همى كريست كه آه
نفس وشيطان زدند بر من راه
كاشكى كز كهر بكردم بار
بر سكندر نكردمى انكار
تا نيفتادمى از ان تقصير
در حجاب وخجالت وتشوير
فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ الوعظ زجر يقترن به تخويف وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى
صفحة رقم 306
ما أنشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى أَنْ تَقُومُوا من مجلس رسول الله ﷺ وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالأمر والاهتمام بطلب الحق لِلَّهِ لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين مَثْنى اثنين اثنين وَفُرادى واحدا واحدا قال الراغب الفرد الذي لا يختلط به غيره فهو أعم من الوتر وأخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا التفكر طلب المعنى بالقلب: يعنى [تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى] اى تتفكروا فى امره ﷺ فتعلموا ما نافية بِصاحِبِكُمْ المراد الرسول عليه السلام مِنْ جِنَّةٍ اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين إذا التجئا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد إذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيها الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الا نصرة المذهب. وفى تقديم مثنى إيذان بانه أوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين إذا قعدا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من أجل الله اما غيرة واما تعظيما وقوله (مَثْنى) اى بالله ورسوله فانه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيرة نفسية وقوله (وَفُرادى) اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا إذا علقت (ما بِصاحِبِكُمْ) بمحذوف كما قدر فلا يوقف إذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تتفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لا دعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم انه عليه السلام أرجح العالمين عقلا وأصدقهم قولا وانزههم نفسا وأفضلهم علما وأحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال أَنْ ما هُوَ صاحبكم إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ مخوف لكم بلسان ينطق بالحق بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ اى قدام عذاب الآخرة ان عصيتموه لانه مبعوث فى نسم الساعة اى أولها وقربها وذلك لان النسم النفس ومن قرب منك يصل إليك نفسه وفى التأويلات النجمية (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والإنكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل
صفحة رقم 307
عنهما ان ثمانين الفا وهم السفياني وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا دخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذي يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين قال الكاشفى [از تمام لشكر دو كس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى او بر قفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند] فَلا فَوْتَ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه اى فلا فوت لهم من عذاب الله ولا نجاة بهرب او تحصن ويدركهم ما فزعوا منه وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ اى من ظهر الأرض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت أقدامهم إذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من الله والجملة معطوفة على فزعوا وَقالُوا عند معاينة العذاب آمَنَّا بِهِ اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) فلا يلزم الإضمار قبل الذكر وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ التناوش بالواو التناول السهل بالفارسية [كرفتن] من النوش يقال تناوش وتناول إذا مديده الى شىء يصل اليه ومن همزه فاما انه أبدل من الواو همزة لانضمامه نحو أقتت فى وقتت وادؤر فى أدور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشيء من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذي انذرهم أيا مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد أغلقت الأبواب وندموا وقد تقطعت الأسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والألم
فخل سبيل العين بعدك للبكا
فليس لايام الصفاء رجوع
قال الحافظ
چوبر روى زمين باشى توانايى غنيمت دان
كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد
اى لا يقدر الإنسان على شىء إذا مات وصار الى تحت الأرض كما كان يقدر إذا كان فوق الأرض وهو حى وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا وَحِيلَ بَيْنَهُمْ اى أوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الايمان والنجاة من النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ اى بأشياعهم من كفرة الأمم الماضية إِنَّهُمْ كانُوا
صفحة رقم 310