آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ۖ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

وغيره، ويعلم ما ينزل من السماء من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والمقادير والبركات، وما يعرج فيها من الملائكة وأعمال العباد، وهو الرحيم بعباده الغفور لذنوب التائبين منهم.
وهذا ويلاحظ كما ذكر الرازي أن السور المفتتحة بالحمد خمس سور، سورتان منها في النصف الأول: وهما الأنعام والكهف، وسورتان في الأخير: وهما هذه السورة وسورة فاطر (سورة الملائكة)، والفاتحة التي تقرأ مع النصف الأول ومع النصف الأخير، والحكمة فيها أن نعم الله منحصرة في قسمين: نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء، ففي سورة الأنعام إشارة إلى الشكر على نعمة الإيجاد: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ [١] وفي سورة الكهف إشارة إلى الشكر على نعمة الإبقاء: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً [١- ٢] فإن بالشرائع البقاء. ثم في هذه السورة الْحَمْدُ لِلَّهِ إشارة إلى نعمة الإيجاد الثاني في قوله: وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وفي سورة فاطر إشارة إلى نعمة الإبقاء الثاني وهو في يوم القيامة لأن الملائكة لا تكون رسلا إلا يوم القيامة يرسلهم الله مسلّمين، كما قال تعالى: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [الأنبياء ٢١/ ١٠٣]. وفي فاتحة الكتاب إشارة إلى النعمة العاجلة بقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [١] وإلى النعمة الآجلة بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [٤] لذا قرئت في الافتتاح والاختتام.
إنكار الكفار الساعة وموقف الناس من آيات الله وجزاؤهم
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٣ الى ٦]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)

صفحة رقم 136

الإعراب:
لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ عالِمِ بالجر: نعت لقوله تعالى: وَرَبِّي أو بدل منه، ويقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وخبره: لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ أو خبر مبتدأ محذوف تقديره:
هو عالم الغيب. وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ.. مرفوعان بالابتداء.
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ.. اللام تتعلق بقوله: لا يَعْزُبُ. وأَلِيمٌ بالجر والرفع صفة لرجز أو عذاب.
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إما معطوف على لِيَجْزِيَ أو مستأنف.
هُوَ الْحَقَّ مفعول ثان ل يَرَى وهو: ضمير فصل، ومن قرأ بالرفع جعل هُوَ مبتدأ، والْحَقَّ خبره، والجملة ثاني مفعولي يَرَى.
البلاغة:
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ووَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ بينهما ما يسمى بالمقابلة، فالمغفرة والرزق الكريم جزاء المحسنين، والعذاب والرجز الأليم جزاء المجرمين.
المفردات اللغوية:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ القيامة والبعث، وهذا منهم إنكار لمجيئها، أو استبطاء استهزاء بالوعد به قُلْ: بَلى رد لكلامهم وإثبات لما نفوه «١» وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ

(١) «بلى» : لها موضعان: الأول- أن تكون ردّا لنفي يقع قبلها، خبرا كان أو نهيا، فينتفي بها ما قبلها من النفي وتحققه، كما هنا. والثاني- أن تقع جوابا لاستفهام دخل على نفي تحققه، فيصير معناها التصديق لما قبلها، مثل: ألم أكن صديقك؟ فيقول الرادّ: بلى، إذا صدقه، والمعنى: بلى كنت صديقي، فهي إذن لإثبات المنفي. وأما «نعم» : فهي في الأصل: تصديق لما قبلها في كل كلام وإيجاب له، وعدة، مثل: هل تحسن إلي؟ فيقول الرادّ: نعم، فيعده بالإحسان، فإن أراد ترك الإحسان قال: لا، ولا يحسن هنا: بلى.
و «لا» نفي لما قبلها وردّ له. وأما «كلا» فتكون بمعنى «لا» ومعناها الرد والإنكار لما تقدم قبلها من الكلام وذلك في حال الوقف عليها. وقد تأتي بمعنى «حقّا» وهو مذهب الكسائي خلافا لحذّاق النحويين. وفي حال الابتداء ب «كلا» تكون بمعنى «ألا» مثل كَلَّا، إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (شرح «كلا، وبلى، ونعم» للعلامة مكي بن أبي طالب القيسي).

صفحة رقم 137

تكرار لإثباته، مؤكدا بالقسم، مقررا وصف المقسم به بصفات تثبت إمكانه، وتنفي استبعاده لا يَعْزُبُ عَنْهُ لا يغيب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ وزن أو مقدار أصغر نملة وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ المثقال وَلا أَكْبَرُ منه إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إلا وهو مثبت في كتاب بيّن واضح وهو اللوح المحفوظ.
وقوله: وَلا أَصْغَرُ إلخ جملة مؤكدة لنفي العزوب.
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا.. علة لقوله: لَتَأْتِيَنَّكُمْ وبيان لما يقتضي إتيانها، أي إن إتيان الساعة فائدته جزاء المؤمنين بالثواب والكافرين بالعقاب مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، أي محوها من قبل الله تعالى بسبب غلبة إيمانهم وأعمالهم الصالحة على ذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ حسن لا تعب فيه ولا منّة عليه، وهو ما يقيض لهم من ملاذ الأطعمة وغيرها في الجنة بسبب إيمانهم وعملهم الصالح تفضلا من الله تعالى عليهم.
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا بإبطال آياتنا المنزلة على الرسل، وتزهيد الناس فيها مُعاجِزِينَ مسابقين لنا يظنون أنهم يفوتوننا فلا نقدر عليهم، لاعتقادهم ألا بعث ولا عقاب، وقرئ: معجّزين، أي مثبّطين عن الإيمان بآيات القرآن من أراده رِجْزٍ سيء العذاب أو عذاب شديد أَلِيمٌ مؤلم.
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي ويعلم أولو العلم من الصحابة ومشايعوهم من الأمة، أو من مسلمي أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ القرآن هُوَ الْحَقَّ الثابت الصحيح وغيره باطل وَيَهْدِي إِلى صِراطِ أي يوصل إلى طريق الله ودين الله وهو التوحيد والتقوى الْعَزِيزِ ذي العزة الذي يغلب ولا يغلب الْحَمِيدِ المحمود في جميع شؤونه.

صفحة رقم 138

المناسبة:
بعد بيان أن لله الحمد في الدنيا والآخرة، أبان الله تعالى أن الكفار ينكرون حدوث القيامة أشد الإنكار، أو يستعجلون بها استهزاء بوعد النبي صلّى الله عليه وسلّم بها، ثم أوضح تعالى أن الناس من آيات القرآن فريقان: فريق المنكرين الجاحدين المعاندين الساعين في إبطالها، وجزاؤهم العذاب الأليم، وفريق العالمين المؤمنين بأنها الحق الصراح الأكيد الذي يهدي إلى الصراط المستقيم.
التفسير والبيان:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أي وقال الكافرون بالرسالات السماوية إنكارا منهم أو استعجالا على سبيل الاستهزاء بالوعد: لن يكون هناك قيامة ولا بعث ولا حساب. وهم بذلك جاحدون الأخبار الواردة من ربهم بحدوث الساعة، والتي تضمنتها كتبه وما فيها من الحجج والبينات.
فرد الله عليهم مؤكدا بطلان اعتقادهم:
قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ أي قل لهم أيها النبي: بلى والله إنها لآتية لا ريب فيها. ويلاحظ في ذلك إثبات وجودها ونفي مزاعمهم، مؤكدا ذلك بالقسم بالله وبالتأكيد في الفعل باللام ونون التوكيد.
وهذه الآية- كما ذكر ابن كثير- إحدى آيات ثلاث أمر الله تعالى فيها رسوله أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد، للرد على المنكرين من أهل الشرك والنفاق والعناد، فإحداهن في سورة يونس: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ؟ قُلْ: إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [٥٣] والثانية هذه:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ والثالثة في سورة التغابن: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ، وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [٧].

صفحة رقم 139

ثم وصف الله تعالى نفسه بصفة العلم الشامل الدال على إمكان البعث، فقال:
عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إن الله تعالى القادر على البعث لا يغيب عنه ولا يستتر عليه شيء من الموجودات ولو كان بقدر أصغر نملة، ولا أصغر من المثقال ولا أكبر منه إلا وهو محفوظ ومثبت في كتاب بيّن وهو اللوح المحفوظ. فالعلم بالغيبيات موجود، فاقتضى إمكان البعث.
ثم بيّن الله تعالى حكمته في إعادة الأجساد وقيام الساعة بقوله:
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ أي إن يبعثهم من قبورهم في البر والبحر وأي مكان يوم القيامة ليثيب المؤمنين بالله ورسله واليوم الآخر، الذين عملوا صالح الأعمال وهو ما أمروا به، واجتنبوا ما نهوا عنه، وأولئك لهم مغفرة أي محو لذنوبهم، ونعيم في الجنة لا تعب ولا منة فيه، والمقصود أن إثابة المؤمنين حق وعدل.
هذا هو فريق المؤمنين، والفريق الثاني:
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ، أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ أي إن الكفار المعاندين الذين حاولوا إبطال آيات القرآن وأدلة إثبات البعث، ظانين أنهم يفوتوننا فلا نقدر عليهم، لهم عذاب شديد في نار جهنم هو أسوأ العذاب وأشده، وهو مؤلم شديد الألم. وهذا التعذيب أيضا حق وعدل، حتى لا يتساوى المسيء مع المحسن، كما قال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ
[سورة ص ٣٨/ ٢٨] وقال سبحانه: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ [الحشر ٥٩/ ٢٠].

صفحة رقم 140

والخلاصة: أن الغاية من القيامة هي أن ينعم السعداء من المؤمنين بالجنة، ويعذب الأشقياء من الكافرين بالنار.
ثم أورد الله تعالى حكمة أخرى معطوفة على ما قبلها فقال:
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ، وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ أي إن المؤمنين بما أنزل على الرسل من المسلمين وأهل الكتاب، مثل عبد الله بن سلام وكعب وأصحابهما وغيرهم إذا شاهدوا قيام الساعة، ومجازاة الأبرار والفجار، وتحققوا مما علموه من كتب الله تعالى في الدنيا، رأوه حينئذ عين اليقين وتيقنوا أن القرآن حق، ويقولون يومئذ: إن الذي جاءت به رسل الله لحق ثابت صدق لا شك فيه، وأن القرآن يرشد من اتبعه إلى طريق الله ذي العزة الذي لا يغلب ولا يمانع، وهو القاهر كل شيء، وهو المحمود في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ولا يليق به صفة العجز.
والصحيح أن وَيَرَى مرفوع على الاستئناف.
ونظير الآية: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس ٣٦/ ٥٢] لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ [الروم ٣٠/ ٥٦].
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:
١- أنكر الكفار من أهل مكة وغيرهم مجيء البعث والقيامة، قال أبو سفيان لكفار مكة: واللّات والعزّى لا تأتينا الساعة أبدا ولا نبعث، وهذا يعني أنهم مقرون بابتداء الله الخلق منكرون الإعادة، وهو نقض لما اعترفوا بالقدرة على البعث، وقالوا: وإن قدر لا يفعل.
٢- أكد الله تعالى حدوث الساعة بقسم محمد صلّى الله عليه وسلّم بربه العظيم لتأتينهم،

صفحة رقم 141

وأخبر على ألسنة الرسل عليهم السلام أنه يبعث الخلق، وإذا ورد الخبر بشيء، وهو ممكن في الفعل مقدور، فتكذيب من وجب صدقه محال.
٣- الله عالم بأصغر شيء وأكبره في السموات والأرض، فهو العالم بما خلق، ولا يخفى عليه شيء، فوجد المقتضي لوجود البعث وهو إقامة العدل بين الناس، وارتفع المانع من حصوله.
٤- إن الحكمة من البعث والقيامة والحساب هي إثابة المؤمنين الذين عملوا الصالحات، وعقاب الكافرين المكذبين بوحدانية الله وبالرسل والملائكة والكتب الإلهية واليوم الآخر.
٥- إن الكفار الذين سعوا في إبطال أدلة الوحدانية والبعث والنبوة، والتكذيب بآيات الله مسابقين يحسبون أنهم يفوتون ربهم، وأن الله لا يقدر على بعثهم في الآخرة، وظنوا أنه يهملهم، هؤلاء لهم عذاب مؤلم هو أسوأ العذاب وأشده.
٦- وفي مقابل موقف أولئك الكفار الذين سعوا في إبطال النبوة، وجد آخرون هم الذين أوتوا العلم من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم ومن مؤمني أهل الكتاب يرون أن القرآن حق وإن لم تأتهم الساعة، والرؤية بمعنى العلم، وأن القرآن يهدي إلى طريق الإسلام الذي هو دين الله.

صفحة رقم 142
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية