آيات من القرآن الكريم

وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

وقال مجاهد: وهل يجازى: يعاقب (١). وهذا معنى وليس بتفسير. وبيانه ما ذكر ابن عباس في رواية عطاء قال: يريد لا أجازي بالعقاب إلا من كفر ربوبيتي وجحد نعمتي. فأضمر العقاب والمجازاة (٢). (وأدغم الكسائي لام هل في نون نجازي، وهو جائز، حكاه سيبويه، قال سيبويه: البيان أحسن؛ لأنه قد امتنع أن يدغم في النون شيء سوى اللام، فكأنهم يستوحشون من الإدغام فيها) (٣).
١٨ - قوله: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ قال أبو إسحاق: هذا عطف على قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ (٤) الآية. يعني: وكان من قصتهم أنا ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ أي: بين سبأ ﴿وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾. قال المفسرون: قرى الشام والأرض المقدسة: الأردن وفلسطين (٥). قال مقاتل: باركنا فيها بالشجر والماء (٦). قوله: ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ قال أبو إسحاق: (كان بين سبأ والشام قرى متصلة بعضها ببعض، يبيتون بقرية ويقيلون بقرية، لا يحلون عقدة حتى يرجعوا إلى أهليهم (٧) [ساعون من حيث نزلوا ما يأكلون] (٨) لا

(١) "تفسير مجاهد" ص ٥٢٥.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) "الحجة" ٦/ ١٨.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٥٠.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ٨٣، "تفسير هود بن محكم" ٣/ ٣٩٥، "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٤٤، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٨٩.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٨ / ب.
(٧) في (ب): "أهلهم".
(٨) ما بين المعقوفين يظهر -والله أعلم- أنه كلام زائد من النساخ؛ إذ لا معنى له.

صفحة رقم 349

يحتاجون من وادي شيئًا إلى زاد (١). وحقيقة معنى قوله ظاهرة، أن الثانيهَ تظهر من الأولى لقربها منها، كما قال الحسن: كان أحدهم يغدو فيقيل في قرية فيروح فيأوي إلى قرية، فإذا خرج من إحداها رأى الأخرى فظهرت (٢).
[أي] (٣).
وقال صاحب النظم: ليس من قرية إلا وهي ظاهرة، والمعنى أنها قرى متقاربة تتوالى، فإذا كان الرجل في قرية منها كانت التي تليها ظاهرة لعينه ينظر إليها.
قوله تعالى: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ قال مقاتل: للمبيت والمقيل من قرية إلى قرية (٤). قال الفراء: (جعل ما بين القرية إلى القرية نصف (٥) يوم، فذلك تقدير السير) (٦). قال أبو إسحاق: (جعلنا سيرهم بمقدار، حيث أرادوا أن يقيموا حلوا بقرية) (٧).
وقال ابن قتيبة: (جعلنا السير بين القرية إلى القرية مقدارًا واحدًا) (٨).
وقوله: ﴿سِيرُوا﴾ أي: وقلنا لهم سيروا. ﴿فِيهَا﴾ في تلك القرى. ﴿لَيَالِيَ وَأَيَّامًا﴾ متى شئتم السير ليلاً أو نهارًا.

(١) هكذا في النسخ! وهو خطأ، والصواب كما هو في "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٤٤٤: لا يحتاجون من وادي سبأ إلى الشام إلى زاد.
(٢) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٤٤، "القرطبي" ١٤/ ٢٨٩، "زاد المسير" ٦/ ٤٤٨.
(٣) هكذا في النسخ! ويظهر أنها زائدة من النساخ.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٨ ب.
(٥) في (ب): (لضعف)، وهو خطأ.
(٦) "معاني القرآن" ٢/ ٣٥٩.
(٧) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٥٠.
(٨) "تفسير غريب القرآن" ص ٣٥٦.

صفحة رقم 350
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية