
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة﴾ الْقرى الَّتِي
صفحة رقم 327
﴿ليَالِي وأياما آمِنين (١٨) فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم﴾ باركنا فِيهَا (هِيَ) الشَّام، وَمعنى الْقرى الظَّاهِرَة أَي: الْمُتَّصِلَة، وَقيل: ظَاهِرَة يَعْنِي: [للرائي]، على معنى أَنهم كَانُوا إِذا نزلُوا بقرية رَأَوْا قَرْيَة أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿وقدرنا فِيهَا السّير﴾ أَي: السّير أَي: قَدرنَا سيرهم بَين هَذِه الْقرى، وَالْمعْنَى: أَنهم كَانُوا إِذا غدوا يقيلون بقرية، وَإِذا رجعُوا يبيتُونَ بقرية. وَقيل: تَقْدِير السّير أَن سيرهم كَانَ فِي الرواح والغدو على قدر نصف يَوْم، فَكَانُوا إِذا (جازوا) نصف يَوْم وصلوا إِلَى قَرْيَة ذَات مياه وأشجار. قَالَ قَتَادَة: كَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ أَن يحملوا زادا. وَقَالَ أَيْضا: كَانَت الْمَرْأَة تضع مكتلها على رَأسهَا، وتمر تَحت الْأَشْجَار فيمتلئ المكتل من الثِّمَار من غير اجتناء.
وَقَوله: ﴿سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياما آمِنين﴾ أَي: قُلْنَا لَهُم سِيرُوا فِيهَا بالليالي وَالْأَيَّام آمِنين من الْخَوْف والجوع والظمأ، وَمعنى قَوْله: ﴿سِيرُوا﴾ أَي: مكناهم من السّير. وَيُقَال: إِن معنى قَوْله: ﴿سِيرُوا﴾ أَي: يَسِيرُونَ، أَمر بِمَعْنى الْخَبَر، وَمَعْنَاهُ: يَسِيرُونَ فِيهَا ليَالِي وأياما آمِنين، وعَلى مَا ذكرنَا.