آيات من القرآن الكريم

سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

وَلَا يَتَأَذَّى نِسَاؤُهُ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَخْرُجُ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ مَكْشُوفَاتٍ يَتْبَعُهُنَّ الزُّنَاةُ وَتَقَعُ التُّهَمُ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْحَرَائِرَ بِالتَّجَلْبُبِ.
وَقَوْلُهُ: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ قِيلَ يُعْرَفْنَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ فَلَا يُتْبَعْنَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ يُعْرَفْنَ أَنَّهُنَّ لَا يَزْنِينَ لِأَنَّ مَنْ تَسْتُرُ وَجْهَهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لَا يُطْمَعُ فِيهَا أَنَّهَا تَكْشِفُ عَوْرَتَهَا فَيُعْرَفْنَ أَنَّهُنَّ مَسْتُورَاتٌ لَا يُمْكِنُ طَلَبُ الزِّنَا مِنْهُنَّ. وَقَوْلُهُ: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يَغْفِرُ لَكُمْ مَا قَدْ سَلَفَ بِرَحْمَتِهِ وَيُثِيبُكُمْ عَلَى مَا تَأْتُونَ بِهِ راحما عليكم.
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦٠]
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠)
لَمَّا ذَكَرَ حَالَ الْمُشْرِكِ الَّذِي يُؤْذِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْمُجَاهِرِ الَّذِي يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ حَالَ الْمُسِرِّ الَّذِي يُظْهِرُ الْحَقَّ وَيُضْمِرُ الْبَاطِلَ وَهُوَ الْمُنَافِقُ، وَلَمَّا كَانَ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبْلُ أَقْوَامًا ثَلَاثَةً نَظَرًا إِلَى اعْتِبَارِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: وَهُمُ الْمُؤْذُونَ اللَّهَ، وَالْمُؤْذُونَ الرَّسُولَ، وَالْمُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ مِنَ الْمُسِرِّينَ ثَلَاثَةً نَظَرًا إِلَى اعْتِبَارِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: الْمُنَافِقُ الَّذِي يُؤْذِي اللَّهَ سِرًّا وَالثَّانِي: الَّذِي/ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ الَّذِي يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ بِاتِّبَاعِ نِسَائِهِ وَالثَّالِثُ:
الْمُرْجِفُ الَّذِي يُؤْذِي النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِرْجَافِ بِقَوْلِهِ غُلِبَ مُحَمَّدٌ وَسَيَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَيُؤْخَذُ، وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانُوا قَوْمًا وَاحِدًا إِلَّا أَنَّ لَهُمْ ثَلَاثَ اعْتِبَارَاتٍ وَهَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [الْأَحْزَابِ: ٣٥] حَيْثُ ذَكَرَ أَصْنَافًا عَشَرَةً وَكُلُّهُمْ يُوجَدُ فِي وَاحِدٍ فَهُمْ وَاحِدٌ بِالشَّخْصِ كَثِيرٌ بِالِاعْتِبَارِ وَقَوْلُهُ: لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ أَيْ لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ ولنخرجنهم من المدينة، ثم لا يجاوزونك وَتَخْلُو الْمَدِينَةُ مِنْهُمْ بِالْمَوْتِ أَوِ الْإِخْرَاجِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ، فَإِذَا أَغْرَيْنَاكَ لَا يُجَاوِرُونَكَ، وَالْأَوَّلُ:
كَقَوْلِ الْقَائِلِ يَخْرُجُ فُلَانٌ وَيَقْرَأُ إِشَارَةً إِلَى أَمْرَيْنِ وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ يَخْرُجُ فُلَانٌ وَيَدْخُلُ السُّوقَ فَفِي الْأَوَّلِ يَقْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَفِي الثَّانِي لَا يَدْخُلُ إِلَّا إِذَا خَرَجَ. وَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ يُخْرِجُ أَعْدَاءَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَيَنْفِيهِمْ عَلَى يَدِهِ إِظْهَارًا لِشَوْكَتِهِ، وَلَوْ كَانَ النَّفْيُ بِإِرَادَةِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ النَّبِيِّ لَأَخْلَى الْمَدِينَةَ عَنْهُمْ فِي أَلْطَفِ آنٍ [بِقَوْلِهِ] كُنْ فَيَكُونُ، وَلَكِنْ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ لَا يَقَعُ ذَلِكَ إِلَّا بِزَمَانٍ وَإِنْ لَطُفَ فَقَالَ: ثُمَّ لَا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا وهو أن يتهيئوا ويتأهبوا للخروج. ثم قال تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦١]
مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١)
أَيْ فِي ذَلِكَ الْقَلِيلِ الَّذِي يُجَاوِرُونَكَ فِيهِ يَكُونُونَ مَلْعُونِينَ مَطْرُودِينَ مِنْ بَابِ اللَّهِ وَبَابِكَ وَإِذَا خَرَجُوا لَا يَنْفَكُّونَ عَنِ الْمَذَلَّةِ، وَلَا يَجِدُونَ مَلْجَأً بَلْ أَيْنَمَا يَكُونُونَ يُطْلَبُونَ وَيُؤْخَذُونَ وَيُقْتَلُونَ. ثم قال تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦٢]
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٦٢)
يَعْنِي هَذَا لَيْسَ بِدْعًا بِكُمْ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ جَارِيَةٌ وَعَادَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ تُفْعَلُ بِالْمُكَذِّبِينَ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ مِثْلَ الْحُكْمِ الَّذِي يُبَدَّلُ وَيُنْسَخُ فَإِنَّ النَّسْخَ يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ، أَمَّا الْأَفْعَالُ وَالْأَخْبَارُ فَلَا تُنْسَخُ ثم قال
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦٣]
يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣)

صفحة رقم 184
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية