آيات من القرآن الكريم

سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ

روى الضحاك عن ابن عباس قال: أنزلت في عبد الله بن أبىّ وناس معه قذفوا عائشة رضى الله عنها فخطب النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: «من يعذرنى من رجل يؤذينى ويجمع في بيته من يؤذينى؟».
وروى أبو هريرة «أنه قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل أرأيت إن كان في أخى ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه».
وروى عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: «أىّ الربا أربى عند الله؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم، ثم قرأ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) ».
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٥٩ الى ٦٢]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٦٢)
تفسير المفردات
الجلابيب: واحدها جلباب وهى الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، يدنين: أي يرخين ويسدلن يقال للمرأة إذا زل الثوب عن وجهها أدنى ثوبك على وجهك، أدنى: أي أقرب، أن يعرفن: أي يميزن عن الإساءة، مرض: أي ضعف إيمان

صفحة رقم 36

بانتها كهم حرمات الدين، والمرجفون: هم اليهود الذين كانوا يلفقون أخبار السوء وينشرونها عن سرايا المسلمين وجندهم، وهو من الإرجاف وهو الزلزلة وصفت بها الأخبار الكاذبة لكونها مزلزلة غير ثابتة، لنغرينك بهم: أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنّك بهم، ملعونين: أي مبعدين من رحمة الله، ثقفوا: أي وجدوا، خلوا:
أي مضوا.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن من يؤذى مؤمنا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا، زجرا لهم عن الإيذاء- أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بأن يأمر بعض المتأذين بفعل ما يدفع الإيذاء عنهم في الجملة من التستر والتميز بالزي واللباس حتى يبتعدوا عن الأذى بقدر المستطاع.
روى أنه لما كانت الحرائر والإماء في المدينة يخرجن ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل بلا فارق بين الحرائر والإماء، وكان في المدينة فساق يتعرضون للإماء وربما تعرضوا للحرائر، فإذا كلّموا في ذلك قالوا حسبناهن إماء- فطلب من رسوله أن يأمر الحرائر أن يخالفن الإماء في الزي والتستر، ليتما يزن ويهبن، فلا يطمع فيهن طامع.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) طلب سبحانه من نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات، وبخاصة أزواجه وبناته، بأن يسدلن عليهن الجلابيب إذا خرجن من بيوتهن ليتميزن عن الإماء.
روى على بن طلحة عن ابن عباس قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطّين وجوههن من فوق رءوسهنّ بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
وعن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) خرج نساء الأنصار كأن رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها.

صفحة رقم 37

وإجمال ذلك- إن على المسلمة إذا خرجت من بيتها لحاجة أن تسدل عليها ملابسها بحيث تغطى الجسم والرأس ولا تبدى شيئا من مواضع الفتنة كالرأس والصدر والذراعين ونحوها.
ثم علل ذلك بقوله:
(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي ذلك التستر أقرب لمعرفتهن بالعفة فلا يتعرّض لهن، ولا يلقين مكروها من أهل الريبة، احتراما لهن منهم، فإن المتبرجة مطموع فيها، منظور إليها نظرة سخرية واستهزاء، كما هو مشاهد في كل عصر ومصر، ولا سيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه الخلاعة، وكثر الفسق والفجور.
(وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي وربك غفار لما عسى أن يكون قد صدر من الإخلال بالستر، كثير الرحمة لمن امتثل أمره معهن، فيثيبه عظيم الثواب، ويجزيه الجزاء الأوفى.
ولما كان الأذى إنما يحصل من أهل النفاق ومن على شاكلتهم حذّرهم بقوله:
(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا) أي لئن لم يكفّ أهل النفاق الذين يستسرّون الكفر ويظهرون الإيمان، وأهل الرّيب الذين غلبتهم شهواتهم، وركنوا إلى الخلاعة والفجور وأهل الإرجاف في المدينة الذين ينشرون الأخبار الملفّقة الكاذبة التي فيها إظهار عورات المؤمنين وإبراز ما استكنّ من خفاياهم كضعف جنودهم وقلة سلاحهم وكراعهم ونحو ذلك مما في إظهاره مصلحة للعدو وخضد لشوكة المسلمين- لنسلطنك عليهم، وندعونّك إلى قتالهم وإجلائهم عن البلاد، فلا يسكنون معك فيها إلا قليلا وتخلو المدينة منهم بالموت أو الإخراج.
والخلاصة- إن الله سبحانه قد توعد أصنافا ثلاثة من الناس بالقتال والقتل أو النفي من البلاد وهم:

صفحة رقم 38
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية