
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأحزابسورة الأحزاب مدنية.
قوله تعالى ذكره: ﴿يا أيها النبي اتق الله﴾ إلى قوله: ﴿وَهُوَ يَهْدِي السبيل﴾.
النبي عند جميع النحويين نعت لأي، إلا الأخفش فإنه جعله صلة لأي. وهو غلط لأن الصلة لا تكون إلا في جملة.
وأكثر النحويين على منع جواز النصب في ﴿النبي﴾ لأنه نعت لا بد منه، فهو المقصود بالنداء. صفحة رقم 5779

وأجاز بعضهم النصب على الموضع، وهذا في الكلام لا في القرآن.
والمعنى: يا أيها النبي اثبت على تقوى الله، لأنه كان متقياً.
وقيل: هو مخاطبة للنبي والمراد به أمته.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين﴾.
إن جعلته خطاباً للنبي ﷺ خاصة فمعنه: لا تطعهم في قولهم لك: اصرف عنا أتباعك من فقراء المؤمنين حتى نجالسك، ولا تطع المنافقين الذين يظهرون لك الإيمان والنصيحة وهم لا يسألونك وأصحابك خبالاً فلا تقبل لهم رأياً.
ومن جعله خطاباً للنبي ﷺ والمراد به أمته فمعناه: لا تطيعوهم فيما نهيتم عنه فتفعلوه/ ولا فيما أمرتم به فتتركوه.
﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً﴾ أي: بخلقه وما في نفوسهم واعتقادههم.
﴿حَكِيماً﴾ في تدبيره إياهم.
ثم قال: ﴿واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ أي: اعمل بما ينزل إليك من وحي الله.
﴿إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ أي: ذو خبر وعلم باعمالكم في هذا القرآن وفي غيره،

ومن قرأه بالياء رده على المنافقين والكافرين، أي بما يعمل هؤلاء خبيراً.
ثم قال تعالى ذكره ﴿وَتَوَكَّلْ على الله﴾ أي: فوض أمرك إلى الله.
﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾ أي: وحسبك بالله في أمرك حفيظاً.
ثم قال تعالى: ﴿مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه﴾.
هذا تكذيب لقوم من المنافقين زعموا أن النبي ﷺ ذو قلبين. قاله ابن عباس.
وعن ابن عباس أيضاً أنه نزلت في رجل من قريش يسمى من حدة ذهنه ذا القلبين فنفى الله ذلك عنه.
وقال مجاهد: قال رجل من بني فهر. إن في جوفي قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فكذبه الله.
وقال الحسن: كان رجل يقول: لي نفس تأمرني ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما

تسمعون.
وقال قتادة وعكرمة: كان ارجل يمسى ذا القلبين، فأنزل الله فيه هذه الآية.
وعن قتادة أنه قال: كان رجل لا يسمع شيئاً إلا وعاه، فقال الناس: ما يعي هذا إلا أن له قلبين، فكان يسمى ذا القلبين فأنزل الله ذلك ونفاه.
وقال الزهري: نزلت في زيد بن حارثة. ضرب الله له مثلاً يقول: ليس ابن رجل هو ابنك يا محمد.
وقيل: المعنى: ما جعل الله لرجل قلباً يحب به، وقلباً يبغض به، وقلباً يكفر به، وقلبً يؤمن به.
ثم قال: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾.
أي: ولم نجعل أزواجكم بقولكم: هي على كظهر أمي أمهاتكم، بل جعل ذلك قولكم كذباً، فألزمكم الكفارة عليه عقوبة على كذبكم.