آيات من القرآن الكريم

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

سورة السجدة
في السورة توكيد بصلة القرآن بالوحي الإلهي وردّ على الكفار على نسبتهم افتراءه للنبي عليه السلام. وتنويه بقدرة الله في مشاهد الكون ونواميس الخلق للبرهنة على استحقاقه وحده للعبادة والخضوع. وحكاية لشكوك الكفار بالبعث والحساب وحملة عليهم ومقايسة بين مصيرهم ومصير المؤمنين. وإشارة إلى رسالة موسى وفضل الله على بني إسرائيل حينما صبروا واتبعوا آيات الله. وتثبيت وتطمين للنبي عليه السلام.
وآيات السورة متساوقة ومنسجمة مما يسوغ القول إنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة. وقد روي أن الآيات [١٦- ٢٠] مدنية، وانسجامها مع ما قبلها سبكا وموضوعا يسوغ الشك في الرواية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)
. وهذه أولى السور في ترتيب النزول الذي سرنا عليه تبتدئ بهذه الحروف.
وقد تكرر ذلك بعدها في ثلاث سور مكيّة وسورتين مدنيتين. ولم يورد المفسرون في صددها شيئا جديدا وعطفوا على ما ذكروه في تفسير أول سورة البقرة المشابه.
ونرجّح هنا ما رجحناه في سياق مماثلاتها أنها للتنبيه واسترعاء السمع، وقد أعقب الحروف الثلاثة كما هو الشأن في معظم السور المماثلة إشارة تنويهية إلى القرآن

صفحة رقم 340

كتاب الله وتوكيد بأنه تنزيل من ربّ العالمين لا إمكان للرّيب فيه. ثم أعقب ذلك إشارة استدراكية إلى ما يقوله الكفار بأسلوب تنديدي كانوا يقولون إن النبي افتراه وردّ على القول بتوكيد أنه الحق من الله أنزله على النبي لينذر به أناسا لم يأتهم نذير من قبله رجاء أن يهتدوا به إلى طريق الله القويم.
والآيتان الأوليان براعة أو مقدمة استهلالية للآية الثالثة كما هو المتبادر.
والآيات الثلاث منصبة في جملتها على توكيد نزول القرآن من عند الله وتكذيب دعوى افترائه التي تكررت حكايتها وتكرر تكذيبها بتكرر المواقف المماثلة.
تعليق على مدى الآية لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ
ولقد روى البغوي عن ابن عباس في صدد جملة لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ أنها تعني الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام. وقال الطبري إنها تعني قريشا الذين لم يأتهم رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا القول أكثر وجاهة فيما يتبادر لنا. وتاريخ قريش لا يرتقي إلى أكثر من بضع مائة سنة على ما شرحناه في سياق سورة قريش فلا تناقض بين هذا القول ورسالات الأنبياء من عيسى وما قبله.
وقد يرد أن رسالة محمد ﷺ لم تكن لقريش فقط. وأن هناك روايات عن نبيين عربيين بعثا بعد عيسى. وهما حنظلة بن صفوان نبي الرس الذي تدلّ فصاحة اسمه على أنه ليس بعيدا كثيرا عن زمن النبي ﷺ والذي ذكرنا خبره في سياق سورة (ق) وخالد بن سنان العبسي «١» ولسنا نرى هذا ناقضا لقول الطبري حتى في حالة صحة الروايات. فقريش كانوا وظلوا في الدرجة الأولى هم الذين يوجه إليهم الخطاب في معظم ظروف العهد المكي النبوي برغم ما في القرآن المكي من

(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبرسي وانظر تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي ج ٥ ص ٣٥٩.

صفحة رقم 341
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية