آيات من القرآن الكريم

وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ

وروى جابر بن زيد أن ملك الموت كان يقبض الأرواح بغير وجه، فأقبل الناس يسبونه ويلعنونه. فشكى إلى ربه عز وجل. فوضع الله عز وجل الأمراض والأوجاع. فقالوا: مات فلان بكذا وكذا.
ثم قال تعالى: الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ بعد الموت أحياءً فيجازيكم بأعمالكم.
ثم قال عز وجل: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ يعني: المشركون ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ استحياء من ربهم بأعمالهم يقولون: رَبَّنا أَبْصَرْنا الهدى وَسَمِعْنا الإيمان. ويقال أَبْصَرْنا يوم القيامة بالمعاينة، وَسَمِعْنا يعني: أيقنوا حين لم ينفعهم يقينهم فَارْجِعْنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ يعني: أيقنّا بالقيامة. ويقال: إِنَّا مُوقِنُونَ يعني: قد آمنا ولكن لا ينفعهم. وقد حذف الجواب لأن في الكلام دليلاً ومعناه: ولو ترى يا محمد ذلك، لرأيت ما تعتبر به غاية الاعتبار.
يقول الله تعالى: وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا يعني: لأعطينا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي يعني: وجب العذاب مني. ويقال: ولكن سبق القول بالعذاب وهو قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ من كفار الإنس، ومن كفار الجن أجمعين. فيقول لهم الخزنة: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ يعني: ذوقوا العذاب بما تركتم لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا يعني: تركتم العمل بحضور يومكم هذا. قال القتبي: النسيان ضد الحفظ، والنسيان الترك. فقوله: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي: تركتم الإيمان بلقاء هذا اليوم إِنَّا نَسِيناكُمْ يعني: تركناكم في العذاب. ويقال: نجازيكم بنسيانكم كما قال الله عزّ وجلّ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: ٦٧] وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ الذي لا ينقطع أبداً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الكفر.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ٢٠]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)

صفحة رقم 36

ثم قال الله عزّ وجلّ: إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا يعني: يصدق بآياتنا. يعني: بالعذاب الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها يعني: وعظوا بها. يعني: بآيات الله عزَّ وجلَّ: خَرُّوا سُجَّداً على وجوههم وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يقول: وذكروا الله عز وجل بأمره وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عن السجود كفعل الكفار. ويقال: الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا يعني: دعوا إلى الصلوات الخمس. أتوها فصلوها، ولا يستكبرون عنها.
قوله عز وجل: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ قال مقاتل: نزلت في الأنصار. كانت منازلهم بعيدة من المسجد. فإذا صلوا المغرب كرهوا أن ينصرفوا، مخافة أن تفوتهم صلاة العشاء في الجماعة. فكانوا يصلون ما بين المغرب والعشاء. ويقال: الذي يصلي العشاء والفجر بجماعة.
وقال أنس بن مالك: الذي يصلي ما بين المغرب والعشاء وهو صلاة الليل كما جاء في الخبر.
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «رَكْعَةٌ فِي اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ رَكْعَةٍ فِي النَّهَارِ» قال أبو الليث رحمه الله: حدثنا الخليل بن أحمد. قال: حدثنا السراج. قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم. قال: حدثنا أبو معاوية عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسحاق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد العبسية عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «يُحْشَرُ النَّاسُ يوم القيامة في صعيد وَاحِدٍ، فيسِمعهمُ الدَّاعِي وَيَنْقُدُهُمْ البَصَرُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ سَيَعْلَمُ أَهْلُ الجَمْعِ اليَوْمَ مَنْ أوْلَى بِالكَرَمِ. فَأيْنَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ؟ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ فَيَدْخُلُونَ الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله؟ فَيَقُومُونَ، وَهُمْ قَلِيلٌ فَيَدْخُلُونَ الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ وهم قليل فيدخلون الجنة بِغَيْرِ حِسَابٍ. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِسَائِرِ النَّاسِ فَيُحَاسَبُونَ».
فذلك قوله عز وجل: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يعني: يصلون بالليل ويقومون عن فرشهم يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً خوفاً من عذابه، وطمعاً في رحمته وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ يعني: يتصدقون من أموالهم. يعني: صدقة التطوع، لأنه قرنه بصلاة التطوع. ويقال:
يعني: الزكاة المفروضة. والأول أراد به العشاء والفجر.
ثم بيّن ثوابهم فقال عز وجل: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ يعني: ما أعدّ لهم مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ يعني: من الثواب في الجنة. ويقال: من طيبة النفس. وروى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ. قال مقاتل: قيل لابن عباس، ما الذي أخفي لهم؟ قال: في جنة عدن ما لم يكن في جناتهم. قرأ حمزة مَّا أُخْفِيَ بسكون الياء. وقرأ الباقون: بنصبها. فمن قرأ بالسكون فهو على معنى الخبر عن نفسه. فكأنه قال: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ ومن قرأ

صفحة رقم 37
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية