آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

ثم قال: ﴿لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ الله﴾ أي: عن دين الله، وما يقرب إليه.
وقال ابن عباس: عن القرآن وَذِكْرِ الله، وهو رجل من قريش اشترى جارية مغنية.
وقوله: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي: جعلا منه بأمر الله فعل ذلك.
ثم قال: ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً﴾ أي: ويتخذ سبيل الله هزؤاً. قاله مجاهد.
وقال قتادة: ويتخذ الآيات هُزُؤاً.
﴿أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ أي: في الآخرة.
قوله تعالى ذكره: ﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِءَايَاتُنَا ولى مُسْتَكْبِراً﴾ إلى قوله: ﴿إِلَيَّ المصير﴾.
أي: وإذا يتلى على الذي يشتري لهو الحديث القرآن أدبر يستكبر عن سماع الحق، ﴿كَأَنَّ في أُذُنَيْهِ وَقْراً﴾ أي صمماً وثقلاً فهو لا يستطيع أن يسمع ما يتلى عليه.
﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي: مؤلم، يعني في يوم القيامة، وذلك عذاب النار.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ جَنَّاتُ النعيم﴾.
أي: إن الذين صَدَّقُوا محمداً وما جاء به وعملوا الأعمال الصالحة، لهم بساتين النعيم ما كثين فيها إلى غير نهاية.
﴿وَعْدَ الله حَقّاً﴾ أي: وعدهم الله ذلك [وعداً] حقاً لا خلف فيه.

صفحة رقم 5714

﴿وَهُوَ العزيز﴾ أي: الصنيع الشديد في انتقامه من أهل الشرك.
﴿الحكيم﴾ في تدبيره لخلقه.
ولا يحسن الوقف على: " خالدين فيها " عند سيبويه، لأن الجملة عاملة في: " وَعْدَ الله " إذ هو عنده مصدر مؤكد.
وأجازه أبو حاتم لأنه يضمر فعلاً ينصب به " وعداً الله "، وتقديره: وعدهم الله بذلك وعداً حقاً.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿خَلَقَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾.
قال ابن عباس: عمدها قاف، وهو الجبل المحيط بالدنيا، وهو من زبرجدة خضراء. من زبرجد الجنةن وخضرة السماء منه، وخضرة البحار من السماء، والسماء مقبة على الجبل الذي اسمه قاف، ولكنكم لا ترونه.
وروي عنه أنه قال: لعلها بعمد لا ترونها. وقاله عكرمة.
فيكون ترونها على هذا القول في موضع خفض نعتاً للعمد، والتاء متعلقة

صفحة رقم 5715

بخلق.
وقال الحسن: لا عمد لها البتة. فيكون " ترونها " على هذا القول في موضع نصب على الحال من السماوات والباء متعلقة بِتَرَوْنها.
ويجوز أن يكون " ترونها " مستأنفاً، أي أنتم ترونها/ فتقف على: " بعير عمد " ولا تقف على القولين الأولين إلا على: " ترونها "، فإذا كان الضمير في ترونها للعمد، فترونها نعت للعمد، وليس ثم عمد، والمعنى فلا عمد مرئية البتة ويحتمل على هذا الوجه، فلا عمد مرئية لكم، أي ثم عمد ولكن لا ترونه.
[فإذا جعلت الضمير في ترونها يعود على السماوات، كان ترونها] حالاً من السماوات.
والمعنى ترون السماوات بغير عمد تمسكها، فلا عمد ثم البتة، كالتأويل الأول.
ثم قال تعالى: ﴿وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ﴾ أي: أن تحرك بكم يميناً وشمالاً، أي: حمل على ظهر الأرض جبالاً ثوابت لئلا تميد بكم.
قال قتادة: لولا ذلك ما أقرت عليها خلقاً.

صفحة رقم 5716

﴿وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ أي مطراً.
﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ أي في الأرض بذلك الماء.
﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ أي: نوع من البنات.
﴿كَرِيمٍ﴾ قال قتادة: حسن.
وقال ابن عباس: من كل لون حسن.
وتأوله الشعبي على الناس لأنهم مخلوقون من الأرض، فمن كان منهم إلى لاجنة فهو الكريم، ومن يصير إلى النار فهو اللئيم.
وتأويله غير في النطفة لأنها مخلوقة من تراب في الأصل.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿هذا خَلْقُ الله﴾ أي فرق في الأرض من كل أنواع الدواب، ثم قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً﴾ أي: هذا الذي تقدم ذكره خلق الله الذي لا تصلح العبادة والألوهية إلاّ له، فأروني أيها المشركون أي شيء خلق الذي عبدتم من دونه.
ثم قال تعالى: ﴿بَلِ الظالمون فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ أي: هؤلاء المشركون في عبادتهم الأصنام في جور عن الحق وذهاب عن الاستقامة ظاهر لمن تأمله.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة أَنِ اشكر للَّهِ﴾.

صفحة رقم 5717

قال مجاهد: كان لقمان رجلاً صالحاً ولم يكن نبياً.
وروي عنه أنه كان لقمان الحكيم عبداً حبشياً غليظ الشفتين مصمفح القدمين قاضياً على بني إسرائيل.
وقال سعيد بن المسيب: كان لقمان أسوداً من سودان مصر.
وقال ابن عباس: كان عبداً حبشياً.
وروي أنه كان في وقت داود.
وعن عكرمة أنه قال: كان نبياً.

صفحة رقم 5718

قال مجاهد: الحكمة التي أوتي لقمان: الفقه والعقل، والإصابة في القول في غير نبوة.
وقال قتادة: الحكمة التي أوتي: الفقه في الإسلام.
قال قتادة: لم يكن نبياً ولم يوح إليه.
وعن مجاهد: أن الحكمة التي أوتي: القرآن.
وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: قال لقمان لابنه: إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون، وهم إلى الآخرة سراعاً يذهبون، وإنك قد استدبرت الدني منذ كنت، واستقبلت الآخرة، وإن داراً تصير إليها أقرب إليك من دار تخرج عنها، يا بني ليس غنى كصحة ولا نعيم كطيب نفس.
وروى أشهب عن مالك: أن لقمان كان يقول لابنه: اتق الله جهد نفسك.

صفحة رقم 5719

قال: وكان يقول له: يا بني لا تجالس الفجار ولا تماشيهم، (اتق لا ينزل) عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم، يا بني جالس العلماء وماشهم عسى أن تنزل عليهم رحمة فتصيبك معهم.
وروي عنه: أنه كان عبدً حبشياً نجاراً. وقيل: كان خياطاً.
وقيل: كان راعياً، فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها، فقال له: أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخر اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال له: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها، فقال له: أخرج أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه في ذلك منكراً عليه وممتحناً له: [أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فأخرجتهما وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخجرتهما]، فقال لقمان: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
وروي أنه أتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال: ألست الذي كنت

صفحة رقم 5720

ترعى معي الغنم في موضع كذا؟ قال: نعم.
[قال]: فما بلغ بك ما أمرى؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني.
قال وهب بن منبه: قرأت من حكمته أرجح من عشرة آلاف باب.
وقوله: ﴿أَنِ اشكر للَّهِ﴾ أن بمعنى أي: لا موضع لها.
وأجاز سيبويه أن كون في موضع نصب على معنى بأن أشكر، كما تقول كتبت إليه أن قم، أي: بأن قم.
والمعنى: أن أحمد الله على ما آتاك من الحكمة، فقوله: " أَنْ أشْكُرْ " بيان عن الحكمة لأن من الحكمة التي أوتيها شكر الله على ما أتاه.
ثم قال: ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ أي: من شكر نعم الله عليه فإنما يشكر

صفحة رقم 5721

لنفسه لأنه يتزيد لنفسه من/ النعم بالشكر، ويؤدي ما على نفسه من الشكر، ويكتب له الأجر والذخر، بالشكر فلنفسه يعمل وأياها ينفع.
ثم قال: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ﴾ أي: ومن كفر نعمة الله فلنفسه أساء، إذ الله تعالى معاقبه على ذلك، وهو غني عن شكره، ولا يزيده شكر العبد في سلطانه ولا ينقص تركه منه.
﴿حَمِيدٌ﴾ أي: محمود على كل حال.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يابني لاَ تُشْرِكْ بالله﴾ أي: واذكر يا محمد إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك، أي: لا تعبد معه غيره.
﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ أي: الخطأ كبير.
وروي أن اسم ابنه ثاران.
ثم قال: ﴿وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ﴾ أي: يبرهما.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ﴾ أي: ضعفاً على ضعف وشدة على شدة، ومنه: " وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي ".
قال ابن عباس: شدة بعد شدة وخلقاً بعد خلق.
وقال الضحاك: ضعفاً على ضعف.

صفحة رقم 5722

وقال قتادة: جهداً على جهد.
فهذا كله يعني به الحمل، يعني: ضعف الحمل، وضعف الطلق، وضعف النفاس.
وعن ابن عباس أنه قال: مشقة وهن الولد على وهن الوالدة وضعفها.
والوهو في اللغة الضعف: يقال: وَهَنَ يَهِنُ وَوَهُنَ يُوْهَنُ، وَوَهِنَ يَهِنُ مثل وَرِمَ يَرِمُ.
ثم قال تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ أي: وفطامه من الرضاع في انقضاء عامين مثل وسئل القرية.
﴿أَنِ اشكر لِي﴾ أن بمعنى أي: أو في موضع نصب على ما تقدم.
وكونها بمعى (أي) أحسن.
والمعنى: وعهدنا إليه أن أشكر نعتمي عليك، وأشكر لوالديك تربيتهما لك، ومحنتهما فيك.

صفحة رقم 5723
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية