آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

وهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات في مقابل الذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله، وهذه سِمَة من سمات الأسلوب القرآني؛ لأن ذكر الشيء مع مقابله يُوضِّح المعنى ويعطيه حُسْناً، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٣ - ١٤]
فالجمع بين المتقابلات يُفرح المؤمن بالنعيم، ثم يفرحه بأنْ يجد أعداءه من الكفار الذين غاظوه واضطهدوه وعذَّبوه يجدهم في النار.
وقلنا: إن الحق - سبحانه وتعالى - حينما يتكلم عن الإيمان يردفه بالعمل الصالح ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ [لقمان: ٨] لأن الإيمان أن تعلم قضايا غيبية فتُصدِّق بها، لكن ما قيمة هذا الإيمان إذا لم تنفذ مطلوبه؟

صفحة رقم 11593

وكذلك في سورة العصر: ﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات... ﴾ [العصر: ١ - ٣] ففائدة الإيمان العمل بمقتضاه، وإلا فما جدوى أن تؤمن بأشياء كثيرة، لكن لا تُوظف ما تؤمن به، ولا تترجمه إلى عمل وواقع؛ لذلك إنْ اكتفيتَ بالإيمان ككلمة تقال دون عمل، فقد جعلت الإيمانَ حجة عليك لا حجةً لك.
ومعنى ﴿وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ [لقمان: ٨] أي: الصالح، والحق سبحانه خلق الكون على هيئة الصلاح، فالشيء الصالح عليك أنْ تزيد من صلاحه، فإنْ لم تقدر فلا أقلَّ من أنْ تدعَ الصالح على صلاحه فلا تفسده.
ثم يذكر سبحانه جزاء الإيمان والعمل الصالح ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النعيم﴾ [لقمان: ٨] فهي جنات لا جنة واحدة، ثم هي جنات النعيم أي: المقيم الذي لا تفوته ولا يفوتك.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ الله حَقّاً... ﴾.

صفحة رقم 11594
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية