آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ

(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩)
* * *
كل ما في السماوات من أفلاك وأجرام ونجوم وكواكب وأبراج وعوالم لَا يحصيها إلا خالقها هو لله تعالى، أبدعها على غير مثال سبق، وأنشأها بإرادته، نظم مسالكها وما يربطها بحكمته، وكل ما في الأرض من سهل وجبل، وصحراء وماء، وأقاليم مختلفة، ومزارع وأغراس تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وكل ما يحتويه باطنها من معادن سائلة، وفلزات متماسكة، وأحجار تبهر الأنظار، ملك لله تعالى أبدعه وأنشأه، وإذا كان هو المبدع المنشئ لكل ذلك، وهو الذي وضع لكل شيء نظامه المحكم، وسيره النظم، فإنه لَا يتصور منه سبحانه أن ينقص شيئا أو حقا، أو يضع أمرا في غير موضعه، فهو خالق النظم، وخالق الأوضاع، والمسيطر على كل شيء.
وكما أن المبدأ منه فالعود إليه سبحانه، ولذا قال سبحانه: (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) فكل أمر ونظام مرد بقائه وإنهائه إليه، كما كان إبداعه وإنشاؤه منه؛ وكل تصرفات الناس راجعة إليه يوم القيامة، وهم محاسبون عليها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فهو مالك الميزان والقسطاس المستقيم في الدنيا وفي الآخرة.

صفحة رقم 1354

وإن الله سبحانه قد نفَى عن ذاته الكريمة إرادة الظلم، وبين أنه يضع الأمور في مواضعها؛ ليصحح الأفهام التي تتوهم أن النبوة تكون في قبيل دون قبيل، ولبيان أن كل شيء له ميزان ومقياس، وأن رقي الأمم ورفعتها يكون بميزان ثابت، وأن الله تعالى لَا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما كان في أمة إلا وقاها الآفات الاجتماعية، وأنه لَا تتركه أمة إلا تردت في مهاوي الفساد، وأدال الله من قوتها، ذلك هو الميزان الذي وضعه العلي القدير لرفعة الأمم، ولذا قال سبحانه في وصف الأمة المثلى:
* * *

صفحة رقم 1355
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية