والجواب: قد أنزل الله المتشابه ليميز الصادق الإيمان من ضعيفه، على أن يكون هذا حافزا لعقل المؤمن على أن ينظر ويبحث حتى يصل إلى حد العلم ولا تنس أن الرسالة عامة وفي الناس خواص وعوام، فكلّ خوطب بما يقدر على فهمه، ولذلك يقول تعالى: الراسخون في العلم لا في الدين، وما يتذكر بهذا إلا أولو العقول الصافية، الذين يقولون: ربنا لا تمل قلوبنا بعد هدايتك لنا، وهب لنا من لدنك رحمة ترحمنا وتوفيقا يوفقنا إلى الخير والسداد إنك أنت الوهاب.
ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة يوم لا شك فيه، فاغفر لنا ووفقنا واهدنا إنك لا تخلف الميعاد.
عاقبة الغرور بالمال والولد والأمثال على ذلك [سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠ الى ١٣]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣)
المفردات:
وَقُودُ النَّارِ ما توقد به النار من حطب أو فحم. كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ:
الدأب: مصدر دأب يدأب، أى: كدح، ثم استعمل فيما عليه الإنسان من شأنه وحاله. الْمِهادُ: الفراش الممهّد.
المناسبة:
بعد بيان الحق والصفات الواجبة لله وما نزله من الكتب خصوصا القرآن، وبيان فهم الناس لا سيما الراسخون من العلماء: شرع في بيان حال الكفرة بالقرآن المغرورين بالمال والولد.
والموصول في الآية يشمل وقد نجران واليهود أو كل كافر بالله.
المعنى:
يبين الله- سبحانه- حال الكفرة من النصارى واليهود والمشركين وسبب عنادهم وغرورهم الزائف في أموالهم وأولادهم: وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً [سورة سبأ آية ٣٥] فيرد الله عليهم في غير موضع في القرآن.
إن الذين كفروا بآياتنا وكذبوا رسلنا واجترءوا على كلامنا لن تكون أموالهم ولا أولادهم بدلا لهم من الله ورسوله تغنيهم عنه، فإنهم إن تمادوا في غيهم وساروا في ضلالهم فأولئك البعيدون في درجات العتو والفساد هم وقود النار وأصحابها.
وذلك لأن حالهم كحال آل فرعون ومن قبله من المؤتفكات كقبائل عاد وثمود كان حالهم أنهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، والله سريع طلبه شديد عقابه، قوى عذابه.
سبب النزول:
روى عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس- رضى الله عنهم- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أصاب قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بنى قينقاع وحذرهم أن