آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

[اين حيات لعب ولهو در چشم كسى آيد كه از حياة طيبه وزندكانى مهر خبر ندارد مر او را دوستانند كه زندكانى ايشان امروز بذكر است وبمهر وفردا زندكانى ايشان بمشاهدت بود ومعاينت زندكانى ذكر را ثمره انس است وزندكانى مهر را ثمره فنا ايشانند كه يك طرف ازو محجوب نيند وهيچ محجوب مانند زنده نمانند]

غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى يا كى ميرد آنكه زندكانيش تويى
فالعاقل لا يضيع العمر العزيز فى الهوى واشتغال الدنيا الدنية الرذيلة بل يسارع فى تحصيل الباقي قال الفضيل رحمه الله لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان ينبغى لنا ان نختار خزفا يبقى على ذهب يفنى كما روى ان سليمان عليه السلام قال لتسبيحة فى صحيفة مؤمن خير مما اوتى ابن داود فانه يذهب والتسبيحة تبقى ولا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اى عن كدورات الدنيا وأنسه بذكر الله وحبه لله ولا يخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ متصل بما دل عليه شرح حالهم. والركوب هو الاستعلاء على الشيء المتحرك وهو متعد بنفسه كما فى قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) واستعماله هاهنا وفى أمثاله بكلمة فى للايذان بان المركوب فى نفسه من قبيل الامكنة وحركته قسرية غير ارادية. والمعنى ان الكفار على ما وصفوا من الإشراك فاذا ركبوا فى السفينة لتجاراتهم وتصرفاتهم وهاجت الرياح واضطربت الأمواج وخافوا الغرق: وبالفارسية [پس چون نشينند كافران در كشتى وبسبب موج در كرداب اضطراب افتند] دَعَوُا اللَّهَ حال كونهم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى على صورة المخلصين لدينهم من المؤمنين حيث لا يدعون غير الله لعلمهم بانه لا يكشف الشدائد عنهم الا هو وقال فى الاسئلة المقحمة ما معنى الإخلاص فى حق الكافر والإخلاص دون الايمان لا يتصور وجوده والجواب ان المراد به التضرع فى الدعاء عند مسيس الضرورة والإخلاص فى العزم على الإسلام عند النجاة من الغرق ثم العود والرجوع الى الغفلة والإصرار على الكفر بعد كشف الضر ولم يرد الإخلاص الذي هو من ثمرات الايمان انتهى ويدل عليه ما قال عكرمة كان اهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فاذا اشتدت بهم الريح القوا تلك الأصنام فى البحر وصاحوا «يا خداى يا خداى» كما فى الوسيط و «يا رب يا رب» كما فى كشف الاسرار فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع فى فعل الخير كما فى المفردات: والمعنى بالفارسية [پس آن هنكام كه نجات دهد خداى تعالى ايشانرا از بحر وغرق وبرون آرد بسلامت بسوى خشك ودشت] إِذا هُمْ [آنگاه ايشان] يُشْرِكُونَ اى فاجأوا المعاودة الى الشرك. يعنى [باز كردند بعادت خويش] لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللام فيه لام كى اى ليكونوا كافرين بشركهم بما آتيناهم من نعمة النجات التي حقها ان يشكروها وَلِيَتَمَتَّعُوا اى ولينتفعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها ويجوز ان تكون لام الأمر

صفحة رقم 493

فى كليهما ومعناه التهديد والوعيد كما فى اعملوا ما شئتم فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ اى عاقبة ذلك وغائلته حين يرون العذاب وفى التأويلات وبقوله (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) يشير الى ان الإخلاص تفريغ القلب من كل ما سوى الله والثقة بان لا نفع ولا ضرر الا منه وهذا لا يحصل الا عند نزول البلاء والوقوع فى معرض التلف وورطة الهلاك ولهذا وكل بالأنبياء والأولياء لتخليص الجوهر الإنساني القابل للفيض الإلهي من قيد التعلقات بالكونين والرجوع الى حضرة المكوّن فان الرجوع إليها مركوز فى الجوهر الإنسان لوخلى وطبعه لقوله (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى)
فالفرق بين اخلاص المؤمن واخلاص الكافر بان يكون اخلاص المؤمن مؤيدا بالتأييد الإلهي وانه قد عبد الله مخلصا فى الرخاء قبل نزول البلاء فنال درجة الإخلاص المؤيد من الله بالسر الذي قال تعالى (الإخلاص سر بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فلا يتغير فى الشدة والرخاء ولا فى السخط والرضى واخلاص الكافر اخلاص طبيعى قد حصل له عند نزول البلاء وخوف الهلاك بالرجوع الطبيعي غير مؤيد بالتأييد الإلهي
عند خمود التعلقات كراكبى الفلك (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) دعاء اضطراريا فاجابهم من يجيب المضطر بالنجاة من ورطة الهلاك (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ) وزال الخوف والاضطرار عاد الميشوم الى طبعه (إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) اى ليكون حاصل أمرهم من شقاوتهم ان يكفروا بنعمة الله ليستوجبوا العذاب الشديد (وَلِيَتَمَتَّعُوا) أياما قلائل (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ان عاقبة أمرهم دوام العقوبة الى الابد انتهى: قال الشيخ سعدى

ره راست بايد نه بالاى راست كه كافر هم از روى صورت چوماست
ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش اگر عاقلى در خلافش مكوش
مكن كردن از شكر منعم مپيچ كه روز پسين سز برآرى بهيچ
قال الشيخ الشهير بزروق الفاسى فى شرح حزب البحر اما حكم ركوب البحر من حيث هو فلا خلاف اليوم فى جوازه وان اختلف فيه نظرا لمشقته فهو ممنوع فى احوال خمسة. أولها إذا ادى لترك الفرائض او نقصها فقد قال مالك للذى يميد فلا يصلى الراكب حيث لا يصلى ويل لمن ترك الصلاة. والثاني إذا كان مخوفا بارتجاجه من الغرق فيه فانه لا يجوز ركوبه لانه من الإلقاء الى التهلكة قالوا وذلك من دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء. والثالث إذا خيف فيه الاسر واستهلاك العدو فى النفس والمال لا يجوز ركوبه بخلاف ما إذا كان معه أمن والحكم للمسلمين لقوة يدهم وأخذ رهائنهم وما فى معنى ذلك. والرابع إذا ادى ركوبه الى الدخول تحت أحكامهم والتذلل لهم ومشاهدة منكرهم مع الامن على النفس والمال بالاستئمان منهم وهذه حالة المسلمين اليوم فى الركوب مع اهل الطرائد ونحوهم وقد أجراها بعض الشيوخ على مسألة التجارة لارض الحرب ومشهور المذهب فيها الكراهة وهى من قبيل الجائز وعليه يفهم ركوب ائمة العلماء والصلحاء معهم فى ذلك وكأنهم استخفوا الكراهة فى مقابلة تحصيل الواجب الذي هو الحج وما فى معناه. والخامس إذا خيف بركوبه عورة كركوب المرأة فى مركب صغير لا يقع لها فيه سترها فقد منع مالك

صفحة رقم 494

ذلك حتى فى حجها الا ان يختص بموضع ومركب كبير على المشهور. ومن أوراد البحر «الحي القيوم» ويقول عند ركوب السفينة (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فانه أمان من الغرق (أَوَلَمْ يَرَوْا) اى ألم ينظر اهل مكة ولم يشاهدوا أَنَّا جَعَلْنا اى بلدهم حَرَماً محترما آمِناً مصونا من النهب والتعدي سالما اهله آمنا من كل سوء وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ التخطف بالفارسية [ربودن] وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يتحول اليه اى والحال ان العرب يختلسون ويؤخذون من حولهم قتلا وسبيا إذ كانت العرب حوله فى تغاور وتناهب أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ اى أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه بالباطل وهو الصنم او الشيطان يؤمنون دون الحق ونقديم الصلة لاظهار شناعة ما فعلوه وكذا فى قوله وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ المستوجبة للشكر يَكْفُرُونَ حيث يشركون به غيره وفى التأويلات النجمية (أَفَبِالْباطِلِ) وهو ما سوى الله من مشارب النفس (يُؤْمِنُونَ) اى يصرفون صدقهم (وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ)
وهى مشاهدة الحق (يَكْفُرُونَ) بان لا يطلبوها انتهى انما فسر الباطل بما سوى الله لان ما خلا الله باطل مجازى اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي واعلم ان الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لا يفارق الثاني بخلاف العكس والكفار جمعوا بينهما فكانوا اذم وَمَنْ أَظْلَمُ [وكيست ستمكارتر] مِمَّنِ افْتَرى [پيدا كرد از نفس خويش] عَلَى اللَّهِ الأحد الصمد كَذِباً بان زعم ان له شريكا اى هو اظلم من كل ظالم أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ بالرسول او بالقرآن لَمَّا جاءَهُ من غير توقف عنادا ففى لما تسفيه لهم بان لم يتوقفوا ولم يتأملوا قط حين جاءهم بل سارعوا الى التكذيب أول ما سمعوه أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ تقرير لثوائهم فيها اى إقامتهم فان همزة الاستفهام الإنكاري إذا دخلت على النفي صار إيجابا اى لا يستوجبون الاقامة والخلود فى جهنم وقد فعلوا ما فعلوا من الافتراء والتكذيب بالحق الصريح مثل هذا التكذيب الشنيع او انكار واستبعاد لاجترائهم على الافتراء والتكذيب اى ألم يعلموا ان فى جهنم مثوى للكافرين حتى اجترءوا هذه الجراءة وفى التأويلات النجمية (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) بان يرى من نفسه بان له مع الله حالا او وقتا او كشفا او مشاهدة ولم يكن له من ذلك شىء وقالوا إذا فعلوا فاحشة وجدنا عليها آباءنا به يشير الى ان الأباحية واكثر مدعى زماننا هذا إذا صدر منهم شىء على خلاف السنة والشريعة يقولون انا وجدنا مشايخنا عليه والله أمرنا بهذا اى مسلم لنا من الله هذه الحركات لمكانة قربنا الى الله وقوة ولايتنا فانها لا تضر بل تنفعنا وتفيد (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ) اى بالشريعة وطريقة المشايخ وسيرتهم لما جاءه (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) النفس (مَثْوىً) محبس (لِلْكافِرِينَ) اى لكافرى نعمة الدين والإسلام والشريعة والطريقة بما يفترون وبما يدعون بلا معنى القيام به كذابين فى دعواهم انتهى: قال الحافظ

صفحة رقم 495

فالمدعى اجنبى عن الدخول فى حرم المعنى كما ان الأجنبي ممنوع عن الدخول فى حرم السلطان وقال الكمال الخجندي

مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز دست غيب آمد وبر سينه نامحرم زد
مدعى نيست محروم دريار خادم كعبه بو لهب نبود
فالواجب الاجتناب عن الدعوى والكذب وغيرهما من صفات النفس واكتساب المعنى والصدق ونحوهما من أوصاف القلب: قال الحافظ
طريق صدق بياموز از آب صافى دل براستى طلب آزاد كى چوسرو چمن
- حكى- عن ابراهيم الخواص رحمه الله انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسوار فبينما نحن معه فى مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله تعالى قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله تعالى سجدة فعرفت ابراهيم فقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ
ما علىّ صلاة قال ألست مسلما قال لا قال فأى شىء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه يكون معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول اليه قال الله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) والذي أردت ان تستكشف من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذا به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فاكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما الحال يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فاسلمت واغتسلت وأحرمت فها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء رحمه الله تعالى يقول الفقير أصلحه الله القدير فى هذه الحكاية إشارات. منها كما ان حرم الكعبة لا يدخله مشرك متلوث بلوث الشرك كذلك حرم القلب لا يدخله مدع متلوث بلوث الدعوى. ومنها ان النصراني المذكور صحب ابراهيم أياما فى طريق الصورة فلم يضيعه الله حيث هداه الى الصحبة به فى طريق المعنى. ومنها ان صدقه فى طريقه ادّاه الى ان آمن بالله وكفر بالباطل. ومنها ان من كان نظره صحيحا فاذا شاهد شيأ من شواهد الحق يستدل به على الحق ولا يكذب بآيات

صفحة رقم 496
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية